كتُب السيرة غنية بالتجارب الكبيرة
أحمد عبدالرحمن العرفج
كِتَابة الإنسَان لسِيرتهِ فَضيلَةٌ حَميدَة، وفِكرَةٌ خَلَّاقَة، مِن حَقِّ كُلّ إنسَان أَنْ يُمارسهَا، ويُقْدم عَليهَا، بشَرطٍ وَاحِد لَا ثَانِي لَه، وهو أَنْ يَكون لَدَى صَاحِب السِّيرَة تَجرُبَة تَستَحق الكِتَابَة والتَّدوين، سَوَاء كَانت هَذه التَّجربَة تجَاريَّة أَمْ اقتصَاديَّة، أَمْ مَعرفيَّة أَمْ أَدبيَّة، أَم فِكريَّة أَمْ عِلميَّة، أَمْ حَتَّى إنسَانيَّة..!
فِي مَكتَبتي مِئَات الكُتب التي تَأتي عَلى شَكْل سِيَر، سَوَاء بطَريقةٍ مُبَاشِرَة أَو غَير مُبَاشِرَة، وسَوَاء صَرَّح المُؤلِّف عَن نَفسه، أَم اختَبأ واختفَى ورَاء رَمزٍ مَا، وأَغلَب هَذه السِّيَر عَظيمَة الفَائِدَة، جَليلة القَدْر، غَنيَّة التَّجربَة..!
ولَعلَّ آخَر مَا قَرأتُ مِن كُتب السِّيَر، رِحلة الدّكتور «عبدالوهاب المسيري» الفِكريَّة، التي نَبَشَت الثِّمَار، والبذُور والجذُور، والفرُوع والأصُول، ولقَد أَحسَن «المسيري» حِين قَال فِي نهَاية مُقدِّمة سِيرَته: (لَا أَدري هَل هَذه السِّيرَة غَير الذَّاتيَّة، غَير المَوضوعيَّة، نَوعٌ أَدبي جَديد، أَو نَوعٌ أَدبي قَديم، أَو نَوعٌ أَدبي قَديم/ جَديد، أَو خَليطٌ مِن أَنوَاع أَدبيَّة وغَير أَدبيَّة. فلنَترك هَذا للقُرَّاء والنُّقَّاد، ولتَكُن هَذه السِّيرَة دَعوَة للمُفكِّرين العَرَب، لأَنْ يَكتبوا سِيَرهم غَير الذَّاتيَّة، غَير المَوضوعيَّة، التي تَحتَوي عَلى تَلخيص لأفكَارِهم وبذُورها، وكَيفيَّة تَشكُّلها، ليَضعوا خِبرتهم تَحت تَصرُّف الأجيَال الجَديدَة. ومِمَّا يَجعَل المَسأَلَة أَكثَر إلحَاحاً، تَعَاظُم الفَجوَة بَين الأجيَال، مِمَّا يُؤدِّي إلَى عَدم تَوارُث الحِكمَة والمَعرفَة، وأَخشَى مَا أَخشَاه، أَنْ تَبدَأ الأجيَال القَادِمَة مِن نُقطة الصِّفر)..!
حَسنًا.. مَاذا بَقي؟!
بَقي القَول: أَيُّها النَّاس، لَا تَخجَلوا مِن كِتَابة سِيَركم، إذَا كَانت كَسِيرَة «المسيري»؛ فِي الفِكر، أَو «غازي القصيبي»؛ فِي الإدَارَة، أَو «علي حرب»؛ فِي التَّحوُّلَات الفِكريَّة، أَو «إحسان عبّاس»؛ فِي رِحلة طَلَب العِلْم وتَدريسه... إلخ.
صحيفة المدينة
أضيف بتاريخ :2017/08/09