هل نحن على أبواب الحرب الكوريةً الثانية!؟
إبراهيم محمد الهنقاري
حينماً يمتلك مجنونان عَلى وجه الأرض الأسلحة النووية الفتاكة والقادرة على تدمير البشر والحجر في طرفة عين فان العالم كله يصبح معرضا لخطر الإبادة. وهنا يثور سؤال هام جدا: ” هل يمكن للعالم أن يسمح للمجانين بتقرير مصيره. ” .!؟
لقد عرف العالمً القديم مجانين مثل نيرون و هولاكو تسببوا في إبادة الآلاف من البشر وفِي دمار مدن بأكملها. كما عرف العالم الحديث مجانين آخرين مثل هتلر وبول بوت تسببوا هم أيضا في إبادة الملايين من البشر وتدمير مدن ودوّل في الشرق والغرب.
ظن الناس بعد نهاية الحرب الكونية الثانية أن الكوارث والدماء والدمار الذي أحدثته تلك الحرب المجنونة تكفي لإقناع العقلاء في العالم لوضع ميثاق تجتمع عليه أمّم الأرض لمنع تكرار ذلك ولكي تكون تلك الحرب المدمرة هي أخر الحروب العالمية. فاجتمعوا يوم ٢٦ يونيو ١٩٤٥ في مدينة سان فرانسيسكو بالولايات المتحدة الأمريكية بعد أن وضعت الحرب أوزارها وأصدروا ميثاق الأمم المتحدة الذي لا يزال قائما حتى الْيَوْمَ.
استطاعت هيئة الأمم المتحدة رغم الفيتو اللعين الذي تحتكره خمس دول فقط في العالم وهي الدول التي خرجت منتصرة في ألحرب العالمية الثانية وكتبت ذلك الميثاق كما تشاء، استطاعت هذه المنظمة رغم الحرب الكورية الأولى التي نشبت عقب انتهاء تلك الحرب الكونية الثانية ورغم انقسام العالم بعدها إلى معسكرين شرقي وغربي والحرب الباردة بينهما ورغم النزاعات المسلحة الإقليمية العديدة التي نشبت في أكثر من مكان في العالم ، استطاعت المنظمة أن تحافظ حتى الآن على ” السلام العالمي ” ولو بشكل محدود.
وكانت الحرب الكورية المذكورة قد انتهت بانقسام كوريا إلى كوريتين جنوبية تدور في فلك الولايات المتحدة الراسمالية وشمالية تبدو أحيانا أنها تدور في فلك المعسكر الاشتراكي المعارض وهو الاتحاد الروسي والصين وتمشي على خطى لينين وستالين وتبدو أحيانا أخرى كما لو أنها الطفل المشاغب الذي لا يحترم أحدا. !! ولكنها حولت نفسها بمساعدة المعسكر الشيوعي إلى قوة نووية وصاروخية يحسب لها أكثر من حساب.
يجلس على عرش كوريا الشمالية حاكم مجنون اسمه كيم يونج أون ورث الملك عن أبيه الأب الروحي لكوريا الشمالية. هذا الكوري المجنون يخافه شعبه كما يخافه وزراؤه وضباط جيشه وتخافه حتى زوجاته لأنه لا يتورع عن قتل الجميع بوسائل يبتكرها هو تتراوح بين إرغام ضحاياه على شرب السم القاتل إلى نسف وزير دفاعه بطلقة صاروخية من مدفع ميدان لأنه نعس قليلا خلال استعراض عسكري.!!
تضايقت الولايات المتحدة وحلفاؤها من كثرة التجارب الصاروخية العابرة للقارات والتي تستطيع حمل الرؤوس النووية كما تضايقت هي وحلفاؤها من محاولات كوريا الشمالية لتطوير قدراتها النووية فتم فرض العقوبات عليها وفرض ما يشبه العزلة عليها حتى كادت أن تكون هي الدولة الوحيدة المنبوذة في العالم ولكنها أكثر الدول خروجا عن بيت الطاعة العالمي إن صح التعبير وأكثرها إثارة للمخاوف لما بين يديها من حاكم مجنون وقنابل نووية وصواريخ عابرة للقارات.
في الجانب الأخر أنتجت الانتخابات الرئاسية الأمريكية التي جرت في العام الماضي رئيساً غريب الأطوار يملك قدرا كبيرا من الجنون من النوع الذي يستحوذ على حاكم كوريا الشمالية وربما زاد عنه قليلا بسبب خبرته الواسعة كرجل أعمال ناجح وجهله التام بسياسة الدول والنَّاس. يعرف جيدا كيف يقرا حسابات الربح والخسارة حينما يتعلق الأمر بالتجارة ولكنه لا يعرف كيف يحسب لكلامه ولمواقفه حسابا حينما يتعلق الأمر بمصير بلاده والعالم.
جمع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أركان إدارته يوم الأربعاء الماضي في احد نوادي الجولف للبحث في إحدى القضايا الأمريكية الهامة وجهز له أعوانه ورقة تحمل بعض الأفكار لكي تعينه على فهم ما اجتمعوا من اجله ولكنه ترك تلك الورقة جانبا وصب جام غضبه كما نقول نحن في لغتنا العربية الجميلة على كوريا الشمالية وحاكمها المجنون. !!
فاجأ السيد ترامب جميع الحاضرين الأمريكيين من مدنيين وعسكريين بتوجيه إنذار هو أشبه بإعلان الحرب هدد فيه كوريا الشمالية ومجنونها بأنها ستواجه ” النار والغضب ” وجحيم لم يشهد العالم له مثيلا من قبل. !!
وكان لابد أن يستفز ذلك العقلاء أن وجدوا والمجانين معا في كوريا الشمالية. فأعلنت الاخيرة أنها تستعد لتوجيه ضربة صاروخية قوامها أربعة صواريخ متوسطة المدى إلى المياه القريبة من شواطئ جزيرة ” غوام ” حيث القواعد الجوية الأمريكية الرئيسيّة التي ستنطلق منها أية عمليات عسكرية أمريكية جادة ضد كوريا الشمالية. وحددت لذلك منتصف شهر أغسطس الجاري. !!
وهكذا شد العالم أنفاسه وهو يتابع صراع ديكين : ديك رأسمالي يملك أعظم قوة ضاربة وأقوى اقتصاد في العالم وديك شيوعي فقير معدم ولكنه يرفع شعار ” الفقر والعنترة ” ولكنه يملك مثل الديك الأخر أسلحة نووية وصواريخ عابرة للقارات. !! ويحمل الديكان مؤهلا عاليا في علم الجنون.
ويبقى السؤال الحائر يؤرق كل عقلاء العالم : هل نحن على أبواب الحرب الكورية الثانية. !؟ “
وفِي انتظار نهاية الأسبوع القادم ندعو الله سبحانه وتعالى أن يكفينا شر المجانين.
صحيفة رأي اليوم
أضيف بتاريخ :2017/08/11