عداء بعض الحكام العرب لإيران مفروض عليهم أمريكيّا
د. كاظم ناصر
عندما كان الشاه في السلطة، كانت إيران أقوى دولة في الشرق الأوسط، ومحميّة أمريكية تأتمر بأمر واشنطن، وعدوّة لدودة للعرب، واحتلت الجزر الإماراتيّة الثلاث طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى في 30 نوفمبر 1971 . في ذلك الوقت كانت إيران الشاه لا تخفي أطماعها في البحرين ودول الخليج، وتضطهد العرب في إقليم الأحواز، وتقيم علاقات متينة مع إسرائيل، وكان الحكام العرب يخشونها ولا يثقون بها، ولكنهم حافظوا على علاقات سياسية واقتصادية وثقافية جيدة معها استمرّت حتى قيام الثورة الإسلامية وسقوط الشاه ودولته في عام 1979 .
بعد سقوط الشاه، كان من المفروض أن تفتح دول الخليج والدول العربية الأخرى وإيران صفحة جديدة من التعاون الذي يدعم المصالح والروابط الدينيّة والثقافيّة المشتركة بين الطرفين. لكن الذي حدث كان العكس تماما . لقد أشعل العرب حربا ضدّها استمرت ثمان سنوات، وناصبوها العداء على الرغم من أنّها قطعت علاقاتها الدبلوماسية مع إسرائيل بعد نجاح الثورة مباشرة، وأغلقت سفارتها في طهران، واعتبرتها دولة عدوة محتلة لفلسطين، و فتحت سفارة لفلسطين في عاصمتها، ودعمت بعض الفصائل الفلسطينية، ووقفت في وجه الولايات المتحدة وتصدّت لسياساتها في المنطقة، وتحدّت المقاطعة والحصار الغربي لها، وصمدت وأجبرت الغرب على إعادة النظر في سياساته ضدّها.
العداء الإيراني لأمريكا وإسرائيل يدعم قضية فلسطين، ويهدّد المصالح ألأمريكية والإسرائيلية في المنطقة، ولا يتعارض مع مصالح الأمة العربية . فلماذا تقف بعض الدول الخليجيّة والعربيّة إلى جانب أمريكا وإسرائيل ضد إيران ؟ وهل العداء الإسرائيلي الأمريكي لإيران هو من أجل العرب والمسلمين أم من أجل المصالح الصهيو- أمريكية ؟ ومن الذي يهدّد أمن الوطن العربي من محيطه إلى خليجه إيران أم إسرائيل وأمريكا ؟
أمريكا تستغلّ العداء الإيراني الخليجي المفتعل لزج دول الخليج وبعض الدول العربية والإسلاميّة في فتنه وحرب ضروس بين السنة والشيعة قد تستمر لعقود طويلة، وتلحق ضررا هائلا بالعالم العربي، وتمكّنها هي وحليفتها إسرائيل من الهيمنة عليه والتحكم بثرواته. أمريكا وإسرائيل تدركان جديّة وخطورة تهديد إيران لمصالحهما ووجودهما في المنطقة، ولهذا فإنهما تعملان على منعها من التغلغل في دول الخليج والعراق وسورية ولبنان واليمن، وتحاولان حرمانها من تطوير مشروعها النووي وصناعاتها العسكرية.
إيران دولة كبيرة تربطها بالعالم العربي علاقات دين وثقافة وجوار ومصالح مشتركة. ولهذا فإن إقامة علاقات أخوّة وتعاون سياسي واقتصادي وعسكري بينها وبين الدول العربية يخدم أمن واستقرار المنطقة، ويساعد أمتنا العربية في التصدّي لأمريكا وإسرائيل وإفشال سياساتهما ومخطّطاتهما العدوانية !
صحيفة رأي اليوم
أضيف بتاريخ :2017/08/21