200 ألف وظيفة
علي الجحلي
بادرت وزارة الصحة بعملية التخصيص من خلال شركة قابضة كبرى، هذه الشركة يفترض أن تسهم في تحسين الخدمات الصحية وضمان وصولها للمستحقين في كل مكان. يتوقع أن توفر الشركة على الدولة مبالغ كبيرة من خلال العمل على رفع كفاءة الأداء في المرفق الصحي والاستفادة من كل عناصره.
عندما تحدثت التقارير عن 200 ألف وظيفة في القطاع الصحي الحكومي، أدخل الأمر المسؤولين عن عملية التخصيص في حرج كبير، ذلك أنهم وعدوا بخفض هذه الأعداد بشكل يبرر المردود الذي يحصل عليه المواطن. فاتتني معرفة علاقة العدد الموجود اليوم في الشركة القادمة، ذلك أن الشركة هي التي ستتولى مهام الوزارة، أي أنها ستتبنى كل منسوبي الوزارة. بل إنها ستزيد تعداد العاملين في القطاع وهذا هو المتوقع والمأمول.
توقعت أن يكون توضيح الوزارة من قبيل إنهاء علاقة الوزارة بالموارد البشرية التي تقدم الخدمة فعلا، وأن توضح أنها سوف تتولى عمليات الإحلال والنقل وتسهيل الانضمام للمنشآت الجديدة، وهذا لم يكن. خوفي يتركز على أن هذا الأمر ليس مدروسا بعناية وبقاء عقلية التنفيذ الحكومي للخدمات الصحية مسيطر حتى بعد تبني التخصيص الذي يجعل من الوزارة جهازا تشريعيا وتنظيميا ورقابيا بعيدا عن تقديم الخدمة الذي يمكن أن يسبب تداخل المصالح.
يمكن الحكم على توجه الوزارة من خلال الاطلاع على الإحصائيات العالمية في المجال، فالعاملون في المجال الصحي يشكلون ما يقارب 10 في المائة من تعداد الطاقة البشرية في أغلب دول العالم. عندما نتحدث عن 200 ألف موظف في المجال ونضيف مثلهم في بقية المكونات الخاصة والعامة، نصل لنتيجة أن نسبة العاملين في القطاع الصحي لا تتجاوز 4 في المائة، وهي نسبة متدنية مقارنة بدول العالم المتقدم.
بدل أن تعتذر الوزارة عن عدد العاملين فيها، كان يفترض أن تقدم للمتابعين الأمل في أن العدد سيتضاعف ليصل إلى المستويات العالمية، هنا تتضح الرؤية التي لا تهدف لتقليل عدد الموظفين في المجال وإنما لتحسين النوعية والاستفادة القصوى من إمكاناتهم.
ينطبق الكلام نفسه على عدد الأسرة والمستشفيات ومراكز الرعاية الصحية الأولية وهي في نقص مستمر مقارنة بالتطور السكاني، وهذا يضيف عبئا آخر على الوزارة والمنشآت التي ستقدم الرعاية الصحية لتحسين الوضع وزيادة الإنتاجية وتحسين الكفاءة.
صحيفة الاقتصادية
أضيف بتاريخ :2017/08/24