عن الوطن والوطنية
عادل السعيد
الوطن هو البلد الذي نشأ فيه الإنسان أو ترجع أصوله إليه. وهو عبارة عن رقعة أرض محددة من الاتجاهات المختلفة. اُشتقت مفردات متعددة من "الوطن"، كما ارتبطت مفردات أخرى بها، وأصبحت تعكس مداليل محددة ومختلفة بحسب البلد وثقافته.
"الوطني" هو الشخص الذي يحب الخير لبلاده. لكن في الدول التي ترزح تحت نير الأنظمة الاستبدادية، تطلق مفردة "الوطني" على الشخص الذي يوافق النظام السياسي في أغلب حركاته وسكناته حتى لو كانت تتعارض تماما مع المصلحة الوطنية. أما من يحب الخير لبلاده وللشعب في هذه الدول ويجاهر بآرائه التي تعارض الظلم وغياب العدالة يوسم بــ "الخيانة" في كثير من الأحيان.
23 سبتمبر هو اليوم الوطني في السعودية. يتصادف هذا العام مع القمع الشديد الذي تشهده مدينة العوامية. فمنذ 10 مايو وإلى هذه اللحظة، وسكانها يعيشون ظروفا صعبة وخانقة. كما أن الحكومة السعودية سعرت من وتيرة الاعتقالات قبل أسبوعين، والتي طالت في هذه المرة عشرات الشخصيات، بين رجال دين، وأصحاب رأي، ورجال أعمال، في مناطق متفرقة من المملكة.
لا يختلف اثنان من العقلاء أن عمليات القمع والاعتقالات السياسية تتعارض مع المصلحة الوطنية والعدالة، ولكن بسبب غياب الحرية وتفشي مرض "التطبيل"، يصعب على الشخصيات الوطنية في الداخل التعبير عن آرائهم حيال هذه السياسات التي تتصف بغياب الرشد.
من المصاديق الجلية كذلك الحرب على اليمن. حتى مع كونها جائرة يصعب على الناس التعبير عن وجهات نظرهم في ذلك لأنهم سيوسمون بـ"الخيانة". ومن المفارقات المضحكة المبكية، أن دعاة سفك الدماء والمطبلين للحرب يوسمون بـ "الوطنية".
قد يقول قائل: الحديث في بعض القضايا الحساسة لا شك أنه سيؤدي بصاحبه إلى السجن، فهل من العقل أن يتكلم الإنسان بحديث معروف النتائج وبدون أي فائدة؟
الجواب: عدم المقدرة على الحديث لا تعطي الإنسان المبرر الديني أو الأخلاقي أو الوطني لمباركة الظلم والظالمين. حتى رفض مباركة الظلم مقاومة.
أضيف بتاريخ :2017/09/25