الانتخابات البلدية
تشكل الانتخابات البلدية مجالاً واسعاً للمشاركة الشعبية، حيث إنها تعنى بالشأن المحلي وتلامس قضايا واحتياجات الناس بشكل عام، بصورة أقرب من الانتخابات النيابية. ولهذا فإن العلاقة بين الناخبين وأعضاء المجالس البلدية عادة ما تكون تحت المحك وقابلة للتقييم بصورة أوضح وأكثر دقة.
وبعد عشر سنوات من التجربة العملية، أصبحت المجالس البلدية في المملكة واقعاً قائماً. وعلى الرغم من كل الملاحظات والإشكالات المطرحة عليها، إلا أن وجودها هو ما ساهم في إعطائها المجال للتفاعل الاجتماعي والتأثير على قرارات الأمانات والبلديات، وكذلك تطوير أنظمة عملها.
هناك ملاحظات عديدة لدى كثيرين حول المجالس البلدية، لعل من بين ما يتردد منها عدم قيام المجالس بتغيير عمل البلديات، أو تحقيق الأعضاء مطالب الناخبين. ويعود السبب في ذلك إلى الخلط لدى كثيرين بين دور البلديات والمجالس البلدية، حيث إن صلاحياتها تتركز تحديداً في التقرير والتشريع وليس التنفيذ، وهو ما يهم الناس طبعاً أكثر من أي شيء آخر.
إضافة إلى ذلك فإن هناك خلطاً لدى كثيرين في صلاحيات المجالس البلدية، حيث يعتقدون بأنها معنية أيضاً بكل الخدمات التي لا تكون ضمن أعمال البلديات، كخدمات المياه والصرف الصحي وغيرها.
هذه المرة تم تطوير لائحة عمل المجالس البلدية بناء على لقاءات ومطالب من معظم الأعضاء، حيث شمل التغيير زيادة عدد الأعضاء، ورفع نسبة المنتخبين منهم لتكون الثلثين بدلاً من النصف، وإشراك المرأة ناخبة ومرشحة، وإعطاء استقلالية للمجالس، وتحديد دور البلديات ورؤسائها بحيث لا يصح لهم رئاسة المجالس.
هذه التعديلات وغيرها من شأنها أن تساهم في معالجة الثغرات التي كانت سبباً في إعاقة عمل المجالس البلدية سابقاً، كما أنها تصحح العلاقة بين المجالس والأجهزة التنفيذية (الأمانات والبلديات).
المشاركة في الانتخابات هي حق مشروع للجميع، ويشكل فرصة لتعزيز المشاركة الشعبية في الشأن العام، وتعتبر مدخلاً لتعزيز الصلاحيات وتوسيعها. أما عدم المشاركة فهو تعبير عن الحالة السلبية التي تبحث عن الأعذار ومختلف السلبيات، وبالتالي فإنها لا تحقق أي فاعلية إيجابية على الصعيد العملي.
كما أن دور المرأة ومشاركتها في هذه المرحلة يأتي تعزيزاً وتأكيداً لحقوقها وشراكتها في الشأن العام بصورة حقيقية وفعالة، وهو استحقاق تاريخي ينبغي أن يسجل ضمن مجالات التطور التي يمر بها المجتمع في المملكة.
الانتخابات بشكل طبيعي تفرز حراكاً اجتماعياً وتنافساً بين مختلف المرشحين، ولهذا ينبغي العمل على توظيف ذلك في الاتجاه الصحيح وتوفير أكبر مساحة ممكنة للمرشحين لطرح برامجهم في أجواء إيجابية بعيدة عن التشنج والحدية.
أجواء الانتخابات أيضاً توفر فرصة لطرح الآراء والنقاش حولها، وتبادل مختلف وجهات النظر بشكل عام حول القضايا البلدية والاجتماعية ومطالب الناس، واستثمارها بصورة إيجابية يساهم في بلورة مشاريع مستقبلية واعدة وإيجاد أرضية مناسبة للتنافس والمشاركة والعمل المشترك.
أضيف بتاريخ :2015/08/24