آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
فارس العاني
عن الكاتب :
سفير سابق

استفتاء إقليم كردستان.. ضارة نافعة انتظرها العراقيون


فارس العاني

على ماذا وعلى من راهن السيد مسعود البارزاني عندما أصر على إجراء  استفتاء الانفصال وإعلان دولة كردستان وتجاهله لكل المعترضين عراقياً وإقليمياً ودولياً  ؟ هناك من يقول أن إصراره نابع من خلال تلقيه دعماً سرياً  من قوى خارجية عربية ودولية ولوبي إسرائيلي وكلها وعدته أنها ستعمل على التحرك لما فيه الحصول على اعتراف ودعم  من دول أخرى بمجرد إعلان الانفصال وتحديداً بعد  الانتهاء من هزيمة داعش في العراق.

  إذاً  يمكن القول أن رئيس الوزراء حيدر العبادي قد تولى إدارة أخطر أزمة يمر بها العراق منذ تأسيسه وهو الاستفتاء أدارها بحكمة وبطريقة هادئة مستنداً إلى شرعية  الدستور والى قرارات البرلمان الاتحادي والمحكمة الاتحادية العليا مدعوماً برفض غالبية العراقيين بكافة أطيافهم وتوجهاتهم  لعملية الاستفتاء المخالفة للدستور بعد أن شعروا أنها تهديد لوحدة البلد خصوصاً وان الهدف هو الانفصال عن العراق، ونتيجة لتعنت البارزاني وتمسكه بمخرجات الاستفتاء ، تفاجئ البارزاني  بما حصل يوم ١٦/١٠/٢٠١٧.

بعدما أصدر العبادي كونه القائد العام للقوات المسلحة أوامره بالتحرك عسكرياً  نحو محافظة كركوك وبقية المناطق المختلف عليها لبسط سيطرة الدولة الاتحادية عليها ، وكانت بمثابة الصدمة التي فاجأت دعاة الانفصال من خلال اكتمال العملية وبزمن قياسي  والتي لم تتخللها مواجهات مسلحة قد يسقط فيها العديد من الضحايا لا قدر الله.

 إذاً ووفق هذه الحالة الجديدة والتي قلبت الطاولة على دعاة الانفصال فأن إقليم كردستان العراق  سوف لن يعود إلى سابق عهده كما هو قبل يوم  ١٦/١٠سواءً على مستوى الداخل العراقي أو الإقليمي أو الدولي وسوف يلمس مواطنو الإقليم بأنفسهم خصوصاً من ناحية الاستثمارات الخارجية أو من ناحية السياحة القادمة من الداخل العراقي إلى محافظات الإقليم أو من الخارج بسبب التداعيات التي سببها الاستفتاء الذي أصر عليه رئيس الإقليم المنتهية ولايته منذ أكثر من عامين .

  لقد أثبتت الوقائع في اليومين الماضيين أن الشارع الكردي ليس غالبيته مع توجهات البارزاني وكرنفال الاستفتاء والذي تم التصويت عليه ب( نعم) فهو لم يكن تلقائياً أو عفوياً كما ادعت الماكنة الإعلامية في الإقليم  بل كان قسرياً بعدما تم التلويح بشعار أن  الذي لم يصوت بنعم فهو خائن  !!! وتصويت من هذا القبيل يذكرنا بالأنظمة الدكتاتورية وحكم الفرد أو الحزب الواحد ، وقد أثبتت وقائع الأحداث  في الأيام الأخيرة أن هناك رفض للأسلوب الذي كان ينتهجه الحزب الديمقراطي الكردستاني الذي تقوده عائلة البارزاني وهيمنة طبقته الحاكمة على كل مقدرات وامتيازات الإقليم وتحديداً منذ أربعة عشر عاماً وخصوصاً ما يتعلق بواردات نفط محافظة كركوك ومنافذ الإقليم البرية والمطارات والضرائب بعيداً عن الحكومة الاتحادية وحتى حكومة الإقليم نفسه ،  لذلك من غير المستبعد أن يشهد الإقليم متغيرات غير مسبوقة على ساحته الداخلية ستطال كتله وأحزابه ويكون الخاسر فيها حزب البارزاني قبل غيره وبكل تأكيد سوف ينعكس ذلك على مجمل العملية السياسية في العراق والتي عانى منها كل العراقيين طيلة هذه السنوات وعلى الحكومة الاتحادية أن لا تختصر التفاوض أو الحوار لحل المشاكل العالقة مع الإقليم  بحزب البارزاني حصراً كما كان يجري سابقاً  بل أن تشرك كل القوى الفاعلة في الإقليم بمختلف توجهاتها وانتماءاتها، وهنا يمكن القول أن الأزمة التي عاشها العراقيون في الأسابيع الماضية ينطبق عليها عبارة  ( رب ضارة نافعة) أي أنها كانت في صالح الوحدة العراقية ، فالضرر سيطال الذين يعملون لمصالحهم الذاتية على حساب المجموع والذي سينتفع هم  شرائح المجتمع العراقي بكافة مكوناتهم وتوجهاتهم  وهذا ما يحلم به العراقيون منذ عقود لذلك هناك فرصة ثمينة أمام الكتلة أو التحالف الذي يتولى السلطة في العراق منذ ما يقرب من ١٤ سنة  أمامه الفرصة المؤاتية لتجاوز كل السلبيات التي كانت سبباً في الحالة الغير مستقرة والمأساوية التي واجهها ولا زالوا العراقيون وأن يتم إعادة النظر في العملية السياسية ومغادرة سياسة  الإقصاء والتمييز بين المكونات وأن يكون مبدأ المواطنة هو السائد وتحت خيمة العراق الواحد الذي يتسع للجميع وبخلاف ذلك سيبقى العراق يدور في الحلقة المفرغة والتي يتمناها ويعمل على استمرارها أصحاب المصالح الذاتية الضيقة!

صحيفة رأي اليوم

أضيف بتاريخ :2017/10/19

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد