نصف مواطن ونصف حياة ونصف إنصاف!
عبدالله المزهر
أصدر وزير العمل والتنمية الاجتماعية ـ مشكورا ـ قرارا يسمح لأم المواطن وأم المواطنة وابن المواطنة وابنة المواطنة بالعمل في المهن المقصورة على السعوديين. وأوضحت الوزارة أمس أنه سيتم احتسابهم بواحد في نسبة التوطين المحتسبة ضمن برنامج «نطاقات»، وإلغاء كل ما يتعارض معه من قرارات وزارية سابقة، مشيرة إلى أن القرار يعمل به من تاريخ صدوره.
الذي فاجأني في هذا القرار أني لم أتوقع أن الأمر يحتاج إلى قرار وكنت ـ أظن ـ غفر الله لي ـ أن هذا من البديهيات التي لا تحتاج لمجهود ذهني كثير لإقرارها.
في مثل هذه الأمور تحديدا كنت أظن ـ غفر الله لي مجددا ـ أن لفظ «المواطن» في القوانين والتشريعات لفظ شامل يعني تلقائيا الجنسين، وأنه لا مبرر للإسراف اللغوي في صياغة الأنظمة الخاصة بالعمل على وجه الخصوص ومن أبواب هذا الإسراف استخدام كلمتين وقانونين مختلفين للحديث عن المواطن والمواطنة كل على حدة.
لكن ظني هذا كان ظنا آثما مثل كل ظنوني، فالمواطنة أقل درجة من المواطن في الأنظمة والقوانين الخاصة بالعمل والجنسية وما دار في فلكهما.
الأمر الصادم ـ ليس كثيرا ـ هو ردة فعل نسبة لا بأس بها من المواطنين والمواطنات على هذا القرار واعتباره نوعا من أنواع التعدي على حقوق المواطنين الذين هم أحق بالعمل من غيرهم، وغيرهم هنا تعني «أبناء المواطنات وبقية الفئات المشابهة التي شملها القرار»، مع أن القرار لا يعني توظيفهم ولكنه يعني أن من حقهم أن يكونوا أرقاما تضاف إلى قائمة الباحثين عن عمل قد يحصلون عليه وقد لا يفعلون.
وبعيدا ـ ليس كثيرا أيضا ـ عن البطالة ومشتقاتها فإن النظرة العنصرية لبقية الخلق في هذا الكوكب، واعتبار كل الكائنات البشرية أعداء متربصة يجب كراهيتها والتحريض عليها، وأن من أوجب واجبات الوطني الحقيقي أن يكره الآخرين، أمور بدأت في الانتشار بشكل يثير القلق، وهذه نظرة قد تكون مثيرة للسخرية إن كانت في حدود مقبولة لكنها حين تصبح ظاهرة تصبح مثيرة للخوف أكثر من أي شيء آخر. والذي لا يرى خطر مثل هذه الظواهر يلوح في الأفق فإنه بحاجة لمراجعة أفكاره والبحث عن علاج يمكنه من رؤية الشمس في وضح النهار.
وعلى أي حال..
سواء كنت مواطنا أو مواطنة أو ابنا أو بنتا لأي منهما فإنك لا بد يوما على آلة حدباء محمول، فلا داعي للقلق لأنك لن تحتاج للهوية الوطنية بعد ذلك. صحيح أنها حقيقة بديهية، لكن لا بد أن يتذكرها بعض الناس.
صحيفة مكة
أضيف بتاريخ :2017/10/24