الأردن الذي يَستبشر دائماً بالسعوديّة خَيراً
خالد الجيوسي
يَحتار المَرء حقّاً أمام التّصريحات الرسميّة الأردنيّة مُؤخّراً، فالحُكومة تقول أنها تود الاعتماد على نفسها، أو بالأحرى على جُيوب شعبها، لأن المُساعدات والمعونات “الخليجيّة” تحديداً لم تعد واردة، وخرجت من الحِسابات الاقتصاديّة، ومن ثم تعاود تلك الحُكومة، الترحيب بمشروع “نيوم” الذي أعلن عنه الأمير ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، وتضعه في إطار تنسيق عالٍ بين البلدين، وضمن اتفاقات شراكة جرى توقيعها بين الأردن والسعودية خلال زيارة العاهل السعودي 21 آذار للمملكة الهاشميّة.
لا يبدو أن الأردن كان يستبشر خيراً بالسعوديّة، ومُساعداتها، وكان التشاؤم سيّد المَوقف بعد زيارة الملك سلمان، ولم يذكر أحد أن هناك اتفاقات على هذا المستوى من الأهميّة كمشروع “نيوم” جرى الاتفاق عليه، حتى لو تم إخفاء التفاصيل في حينها، ويبدو أن الأردن علم بمشروع بن سلمان الذي يمتد إلى أراضيه، شأنه شأن غيره، من الصحافة والإعلام، وسارع فيما يبدو ليُؤكّد أنه بلد الاستقرار الذي يُساعد على الاستثمار.
في حالة الأردن، واقتصاده المُتهالك، لا نعتقد أن مثل تلك الشراكات “التسويفيّة” أو “الفُجائيّة” أو “مقابل خدمات”، يُمكن أن تنقذ البلاد من محنة اقتصاديّة قد تعصف بالأخضر واليابس، وتُهدّد دوام الأمن والأمان، وكما يعلم الجميع أن مشروع “نيوم” قد ترى مرحلته الأولى النور وفق الأمير بن سلمان العام 2025، هذا إن اكتمل المشروع، وأوجد فُرص عمل، وحوّل المواطن الأردني، إلى مواطن من ذوي الدّخل المُرتفع كما يُقال، وإلى جانبه المصري والسعودي بطبيعة الحال.
لا نعلم ما هو السر “الأبدي” الذي يَدفع بلاد ذات سيادة مثل الأردن، السير وراء سياسات الرياض، بل ومُجاملتها على حساب مصالحها، وحتى أمنها، والمُقابل هو وعود بمشاريع خياليّة، يَصفها السعوديون أنفسهم بأنها طويلة الأمد، وللحالمين الذي يسبحون في غير الواقع، وللأجيال المُتوفّاة وها هو الأردن ومع كل بارقة أمل سعوديّة، يعود ويضع كل بيضه، في سلّة يَعرف أنها لن تتّسع ربّما حتى لبيضها.
قد يكون أمراً غاية في السذاجة، لو كانت السعودية قد وعدت الأردن بحُلم “نيوم”، مُقابل تقديم خدماته في “طبخة” عسكريّة ضد قطر، حذّر منها أستاذ العلوم السياسيّة محمد المسفر، في مقال وجّهه للعاهل الأردني الملك عبدالله الثاني، والأمور فيما يبدو تتّجه للتصعيد، وتحذيرات الأمير الكويتي جابر الصباح من انفجار الأزمة بين أشقاء الخليج، وعدم نسيان العرب للمُسبّب، عَلى الأقل لو سيكون هناك دور مشبوه للمملكة ضد قطر، نأمل أن يكون دور مدفوع الثمن ومضمون، وإن كُنّا نأمل أن يتمسّك الأردن بشبه حياده في الأزمة الخليجيّة، وفي هذه الحياة، لكل خدمة ثمن.
السعوديّة لم تخرج رابحة من أي ملف، حشرت أنفها فيه، والأمثلة في سورية، العراق، اليمن، كلها أمثلة على سياسة بلاد الحرمين الخاسرة، وأي عاقل بالتأكيد لن يأخذ منها قدوة، وسيتجنّب التحالف معها، ماذا لو انفتح الأردن على إيران؟ وما هي الخسائر التي قد يجنيها من هذا؟ ألم ينفتح على قائدة العالم السنّي؟ أليس من المنطق ‘تباع نظريّة “المُحاولة والخطأ”، حيث حاول مع السعوديّة، ألم يَحن وقت إيران بعد التي لا تخذل حتى خُصومها؟
صحيفة رأي اليوم
أضيف بتاريخ :2017/10/27