الضرائب مفاتيح السعادة
عبدالله المزهر
قرأت في إحدى الصحف خبرا يتحدث عن دراسة تقول بأن فرض ضريبة القيمة المضافة ـ بالتحديد وليس أي نوع آخر من الضرائب ـ سيؤدي إلى علاج السمنة وربما اختفائها بشكل نهائي.
وما لم توضحه الدراسة أو الصحيفة الموقرة، لأنه من الأمور البديهية، هو أنه كلما زادت الضرائب قلت الأمراض، وقد نصل في آخر المطاف إلى أن الأمراض بأنواعها ستختفي تماما بعد أن يصبح الناس عاجزين عن شراء أي شيء.
والشراء في حد ذاته مرض ـ كما تعلمون ـ أيا كان نوع السلعة المشتراة، ولذلك فإن الدراسات الحديثة من عينة الدراسة التي أخبرتنا عنها الصحيفة تحاول أن تبرز الجانب المضيء من القمر، فجزاها الله خير الجزاء عن كل أولئك الذين أرهقتهم السمنة وأمراضها قبل أن يأتيهم الفرج على هيئة ضريبة قيمة مضافة.
والأموال في أيدي الناس ليست إلا وبالا عليهم، فما حاجتهم إلى ما يضرهم، ولماذا يغضبون حين تتاح لهم فرصة التخلص مما يضرهم. فما الذي يفعله الناس بالأموال؟ إنهم يقتنون بها كل ما يؤدي إلى مرضهم وتعبهم وشقائهم. هل يشتري الناس السجائر إلا بالأموال؟ وهل يقتنون المنتجات المليئة بالمواد المسرطنة إلا بالأموال التي في أيديهم؟ ألا يشترون بأموالهم السكر والملح اللذين أثبتت دراسات أخرى، غير التي أشارت إليها الصحيفة، إلى أنهما السبب في كل أمراض الإنسان منذ أن وطئت قدماه الأرض حتى يغادرها غير مأسوف عليه؟!
قد يقول قائل جاهل مغرر به إن الناس يشترون بأموالهم دواء وغذاء نافعا أيضا، ولهذا الجاهل وأمثاله نقول إنه لو لم يمرض الناس لما كانوا بحاجة للدواء من الأساس أيها المتحاذق، ثم إن بقية الكائنات الحية تحصل على غذائها دون أن تشتريه والإنسان كائن هو الآخر يجب أن يبحث عن طريقة أخرى غير طريقة البحث عن المال والاحتفاظ به.
في كل دول العالم غنيها وفقيرها، دول العالم الأول ودول العالم الأخير، وما بينهما من عوالم، كل الكائنات البشرية حين تفرض عليها ضرائب إضافية أو رسوم فإنها تجد في ذلك سببا مقنعا للغضب، وهذا حال الكائن البشري الطبيعي. ولذلك فإن الإعلام حين يدافع عن مثل هذه القرارات فإنه لا يستفز الناس، ولكنه يوضح الأسباب الاقتصادية التي أدت لذلك، مع وعود بأن تتراجع الضرائب والرسوم حين تنتهي الأزمات.
لأنهم ربما يعلمون بأن ضرر المبالغة في «التعزيز» أكثر من نفعها، وأن السكوت خير من بعض «الفزعات».
وعلى أي حال..
أشكر الدراسة الخاصة بالسمنة والصحيفة الناقلة، لأنهما أقنعتاني تماما بأن الضرائب ـ ضريبة القيمة المضافة تحديدا ـ هي أهم ما يحتاجه الإنسان ليعيش بعد الماء والهواء، بل إن السعادة في أبهى صورها هي الماء والخضرة وضريبة القيمة المضافة.
صحيفة مكة
أضيف بتاريخ :2017/11/16