الشعب العراقي صبور وقادر
مصطفى الصراف
لم يعد ثمة شك في أن التواجد التركي أخيراً في شمال العراق كان بداية لتنفيذ مخطط يهدف إلى إعاقة تحرير المدن التي احتلها «داعش»، لاسيما الرمادي والفلوجة والموصل، والدليل -برأينا- على ذلك أنه رغم ما بذلته الحكومة العراقية من مساعٍ دبلوماسية على كل المستويات، بما في ذلك جامعة الدول العربية التي شجبت ذلك التواجد وطلبت بخروج تلك القوات، بالإضافة إلي قرار من مجلس الأمن الدولي، فإن تركيا ما زالت مصرَّة على بقاء قواتها، وهذا التصرف من تركيا ربما يُفهم على أنها كانت شريكا فاعلا مع حلفاء لها في شمال العراق بإدخال مسلحي «داعش» لاحتلال بعض مدن العراق في محاولة لتقسيمه ووضع العراق الأوسط تحت وصايتها، وإدارته من قبل حلفائها، فتكون كركوك بنفطها في حوزتها، وتركيا تقوم بتنفيذ هذا المخطط بعلم ودعم من حلف الناتو وعلى رأسه أميركا، لأن أميركا تطمع في أن تكون لها قاعدة عسكرية في وسط العراق حرمها منها النظام العراقي منذ أن كان المالكي رئيساً للوزراء، وهو ما كان سبباً للضغط لإبعاده عن السلطة بحجة أنه كان طائفياً، واليوم فإن الفرصة سانحة لتنفيذ هذا المخطط الذي أجل لبعض الوقت، والعراق في وضع لا يُحسد عليه مادياً وعسكرياً بسبب عدم تسليمه ما يحتاج إليه من السلاح، خدمة لتنفيذ هذا المخطط والإبقاء على «داعش» في العراق لأطول مدة ممكنة، ولعل النشاط الذي يبذله الرئيس التركي من زيارات لبعض دول المنطقة، بما في ذلك زيارته للكيان الإسرائيلي خير شاهد عليه، ولكن مخططاً كهذا لن يكتب له النجاح، لأن الشعب العراقي إن لم يكن كله، فإن أغلبه لن يسمح بمرور هذا المخطط، كما أنه مخطط كغيره من المخططات والسيناريوهات التي سبقته وشاركت فيها تركيا لا يقوم على إدراك سليم للشعب العراقي مهما كانت الظروف الصعبة التي يمر فيها، فهو لن يستسلم لها مهما طال به الوقت.
القبس الكويتية
أضيف بتاريخ :2016/01/06