برّي: في السيارة أعدنا تجديد الحكومة
نقولا ناصيف
برّي: متفق مع عون والحريري على إجراء الانتخابات النيابية في موعدها أياً تكن العقبات (هيثم الموسوي)
صعود الرئيسين نبيه برّي وسعد الحريري في سيارة واحدة مؤشر حل مشكلة. عندما صعدا في سيارة واحدة أبصرت حكومة الحريري النور في كانون الأول الفائت. وهو ما حصل في السيارة التي قادتهما الأربعاء إلى قصر بعبدا، فعاد عن استقالته
في حسبان رئيس مجلس النواب نبيه برّي انتهت مشكلة استقالة الرئيس سعد الحريري قبل أن تصبح أزمة. إلا أن ثمة ما يقتضي معالجته على هامش حكومة يعتبرها عاملة، غير مشوبة بأي عيب دستوري.
منذ اليوم الأول لتلقيه نبأها من الرياض، وكان يهبط في مطار شرم الشيخ، حدّد موقفين متلازمين: أولهما إعلانها من الخارج على نحو غير مألوف وغير مسبوق، لا يُعتد به، من شأنه افتراض حصولها بالإرغام في ظروف غامضة وملتبسة أحاطت بها. ثانيهما تكتسب استقالة الحكومة دستوريتها من الإدلاء بها من الداخل.
يذهب رئيس المجلس إلى القول: ما بين الرياض وباريس لم تكن التجربة سهلة على رئيس الحكومة.
يضيف: لو كانت الاستقالة دستورية لما كان في إمكان رئيس الجمهورية أن يقول أنه لا يقبلها. أنا ذهبت إلى أبعد من ذلك. رفضتها في الأصل.
امتنع عن مناقشة استقالة اعتبرها غير قائمة، بالتزامن مع قول رئيس الجمهورية ميشال عون انه لن يخوض فيها قبل عودة الحريري إلى بيروت والاستماع منه إلى أسبابها وملابساتها، ومن ثم التقدّم بها تبعاً للقواعد والأعراف النافذة. لم يتردّد بري في الإفصاح عن موقفه للرئيس المصري عبدالفتاح السيسي عندما استقبله في شرم الشيخ في 5 تشرين الثاني، غداة الاستقالة. في وقت لاحق على عودته إلى بيروت، اليوم التالي، طرح المخرج: عودة الحريري عنها.
رئيس المجلس: مَن لا يقاتل في سوريا اليوم؟ ألا تقاتل السعودية هناك؟
ما سمعه منه زواره أكثر من إشارة إلى أن أبواب المعالجة غير مقفلة تماماً وفق معطيات منها:
1 ــ ناهيك بتمسكه بالحريري على رأس السلطة الإجرائية، لا حكومة جديدة في حال أصر رئيسها على التنحي في الأشهر السبعة السابقة للانتخابات النيابية في أيار 2018. مع أنه طرح في شرم الشيخ احتمالاً عابراً هو حكومة تكنوقراط متى تشبث الحريري باستقالته، إلا أن الموقف الذي تمسّك به في بيروت أن من الصعوبة بمكان تأليف حكومة جديدة لا تكون على صورة الحكومة الحالية. ليست هذه نموذجاً للاقتداء به يقول رئيس المجلس، بيد أنها تمثل توازناً ملائماً للافرقاء باستثناء الفريق الذي لم يشأ الانضمام إليها. وما دام الأمر كذلك، تستمر هذه عاملة، أو مكلفة تصريف الأعمال إذا وقعت الاستقالة تبعاً للأصول الواجبة.
2 ــ رغم إيمانه بأعراف التقدّم بها من رئيس الجمهورية، إلا أن برّي يقول أن الاستقالة تصبح نافذة عندما يعلنها رئيس الحكومة، لكن من داخل الأراضي اللبنانية. عنى ذلك أن لا وجود للترّيث: استقالة أو لا استقالة. وهو مغزى تأكيده أن الحكومة قائمة، وفي وسع مجلس الوزراء الاجتماع في أي وقت عندما يدعوه رئيسه واستئناف دوره، في موازاة معالجة يجري العمل عليها بعيداً من الأضواء. فَصَلَ بذلك بين استقالة غير موجودة وبين إعادة ترتيب البيت الحكومي وفق مبادىء وقواعد جديدة.
3 ــ كشف رئيس المجلس انه اتفق في وقت سابق مع رئيسي الجمهورية والحكومة على إجراء الانتخابات النيابية في موعدها، أياً تكن العقبات. مع إصراره على إنهاء ما يسميه «الوضع المتموج» في أسرع وقت، إلا أن المشكلة القائمة لن تفضي إلى إعطاب إجراء الاستحقاق. سرعان ما أنعش برّي اقتراحاً أثاره قبل الأزمة الحكومية عندما تحدّث عن إجراء انتخابات نيابية مبكرة: إذا تعثرت المعالجة وطالت أكثر مما يقتضي. مع ذلك يتحدّث بتحفظ عن مداولاته مع الحريري في السيارة التي أقلتهما إلى قصر بعبدا، نهار الاستقلال: في السيارة أعدنا تجديد الحكومة.
إشارة كهذه كافية كي تدل على ما رمى إليه رئيس المجلس: لا اثر للاستقالة بعد الآن.
4 ــ تلقف بامتعاض قرار الجامعة العربية في اجتماع وزراء الخارجية في 19 تشرين الثاني، ونعته حزب الله إرهابياً، ووجد فيها سبباً إضافياً لتصعيد التوتر في لبنان، في موازاة استقالة من الرياض حُمّلت الموقف نفسه. في وقت لاحق تلقى برّي مكالمة من رئيس الاتحاد البرلماني العربي ـ ويرئسه في الدورة الحالية المغرب ـ يخطره بفكرة عقد اجتماع للاتحاد على غرار اجتماع وزراء الخارجية العرب يدين التدخلات الخارجية، إلا أنه ينحو في وجهة ما خلصت إليه الجامعة العربية. اكتفى برّي برفض الفكرة والدعوة في آن، مع طرحه سؤالاً على محدّثه: في الاتحاد نحن نمثل الشعوب أم الحكومات؟
5 ــ مذ جزم بأنه لا يعترف بحصول استقالة، طرح للفور مخرجاً للازمة الحكومية. قال إن في وسعه ورئيس الجمهورية انجازه ويقضي بتوفير الضمانات والتطمينات للحريري بإزاء اعتماد سياسة النأي بالنفس داخل الحكومة. في اعتقاد رئيس المجلس العودة إلى القياس الذي اعتمدته حكومة الرئيس نجيب ميقاتي بين عامي 2011 و2013، عندما فصلت سياسة النأي بالنفس داخل مجلس الوزراء عنها خارجه. حينذاك طبقتها حكومة ميقاتي من الداخل من دون أن تفضي إلى خروج حزب الله من الحرب في سوريا. لم يكن رئيسها مرتاحاً إلى الدور العسكري للحزب، ولم يسع الحكومة في المقابل منع تيار المستقبل ــ الذي لم يشارك فيها ــ من قيادة حملات إعلامية عنيفة ضد النظام السوري، ناهيك برعايته مجموعات مسلحة كان ثمة من يسهّل انتقالها إلى الداخل السوري للقتال هناك.
الواقع أنه التفسير الوحيد الحصري، المتاح، لولوج هذا المفهوم وتعويم حكومة الحريري على مياهه.
ما يضيفه بري في المشكلة الراهنة أن في الإمكان العودة إلى سياسة نأي بالنفس تطبّق على الجميع بلا استثناء، بدءاً من وقف الحملات الإعلامية التي يقودها حزب الله وتيار المستقبل كل في اتجاه خصمه.
يسأل رئيس المجلس: مَن لا يقاتل في سوريا اليوم؟ ألا تقاتل السعودية هناك؟
صحيفة الأخبار اللبنانية
أضيف بتاريخ :2017/11/25