بين القدس وبيونغ يانغ.. تحويل متعمد للرأي العام الأمريكي عن حقيقة ما يحدث
أ.د. علي الهيل
المناورات البحرية الحالية الأمريكية الكورية الجنوبية (الحليفان الإستراتيجيان) هي لتؤدي غرضين: الأول؛ تتظاهر أمريكا أنها لن تترك حلفاءها في شبه الجزيرة الكورية لاسيما كوريا الجنوبية و اليابان تواجهان لوحدهما تهديدات كوريا الشمالية و أنهم حلفاء مختلفون عن (تايوان) التي اضطرت أمريكا للتخلي عن مطالبة الصين بمنحها الاستقلال التام. الغرض الثاني؛ تخويف كوريا الشمالية و الحقيقة أن المناورات تأتي تغطيةً على عجز أمريكا عن أي فعل عسكري ضد كوريا الشمالية.
الواقع هو أن كوريا الشمالية تعي كل ذلك و عليه فإنها لا تتمالك نفسها من الضحك على أمريكا. الصين و روسيا حليفا كوريا الشمالية هما الأخريان تستهزءان (بالدولة العظمى) و تروق لهما فكرة استنزاف أمريكا إقتصادياًّ و عسكرياًّ ليحققا هما أعلى معدلات النمو الإقتصادي فكلاهما ضمن دول البريكس أو دول الإقتصادات الناشئة (البرازيل؛ روسيا؛الهند؛الصين و جنوب إفريقيا.)
الصاروخ الباليستي الأخير أزعج أمريكا كثيراً لأنه عابر للقارات؛ يمكن أن يصل إلى بعد ١٣ ألف كيلومتر و ارتفاعه أعلى بكثير من الصواريخ الأحد عشر السابقة التي أطلقتها كوريا الشمالية حتى الآن منذ بداية العام الحالي. كل تلك الإطلاقات تؤشر إلى دلالتين: الدلالة الأولى الثقة المطلقة التي تشعر بها كوريا الشمالية و الدلالة الثانية؛ قدرة كوريا الشمالية ليس فحسب على تطوير أدواتها بل على إخراج (الدولة العظمى) عن طورها.
الانزعاج الأمريكي بلغ حداًّ أن سلطات جزر (هاواي) أعادت تشغيل صفارات الإنذار لأول مرة منذ الحرب العالمية الثانية. كوريا الشمالية لن تتوقف و ترقبوا إطلاق المزيد من الصواريخ الباليستية.
الرئيس الأمريكي (دونالد ترامب) يواجه احتمالات العزل و قد يستقيل حفاظاً على كرامته الشخصية المتطفل على السياسة و الرئاسة اللتين كلاهما تنبذانه كل يوم. بعد الضربة القاصمة التي وُجهت له من قِبل مستشار الأمن القومي السابق و هو اعترافه بالكذب على مكتب التحقيقات الفيدرالية. إعلان صهره و مستشاره (جاريد كوشنير) أن رئيسه يدرس نقل السفارة الأمريكية من (تل أبيب) إلى (القدس الشريف) محاولة من الرئيس المعرض للسقوط المدوي للتشبث بحبائل اللوبي اليهودي لاسيما اللجنة الأمريكية الإسرائيلية للعلاقات العامة (إيباك) لتساعده على البقاء بعيداً عن إمكانية العزل. يسأل الكثيرون في أمريكا هل قرار الرئيس (ترامب) في نقل السفارة الأمريكية إلى القدس هو إستراتيجيا أم أيديولوجيا. المرجح أنه الأمر الثاني. لا يعتقد الكثيرون أنه أمريكا لها أي مصلحة في نقل سفارتها للقدس. الدليل على ذلك علّهُ يكمن في أن كل الرؤساء السابقين كانت عليهم ضغوط من اللوبي اليهودي و الإيباك. بَيْدَ أنهم لم يفعلوا ما يفكر في أن يعلنه الرئيس (ترامب) في خطابه يوم الأربعاء.
لا يُستبعد أن يكون إعلان الرئيس الأمريكي نقل السفارة الأمريكية للقدس هو مؤشر عجز آخر يضاف إلى المؤشرات السابق ذكرها عن مواجهة كوريا الشمالية. الغاية؛ تحويل الرأي العام الأمريكي عن كوريا الشمالية إلى وجهة القدس باستخدام النفوذ الأقوى في أمريكا و إمكاناته الإعلامية و الدعائية و هو اللوبي اليهودي و الإيباك.
صحيفة رأي اليوم
أضيف بتاريخ :2017/12/05