ماذا يحمل جيفري فيلتمان معه إلى بيونغ يانغ؟
أ.د. علي الهيل
زيارة مدير الشؤون السياسية في (الأمم المتحدة) السيد (جيفري فيلتمان) النادرة إلى كوريا الشمالية؛ الأولى منذ ست سنوات التي يقوم بها مسؤول بارز في المنظمة الدولية لبيونغ يانغ – تجيىءُ بعد أسبوعٍ من التصعيد الخطابي بين واشنطن و بيونغ يانغ على خلفية إطلاق كوريا الشمالية صاروخها الباليستي العابر للقارات و سقوطه في بحر اليابان. إذا عرفنا أن (فيلتمان) كان مساعد وزيرة الخارجية الأمريكية (هيلاري كلينتون) خلال عهد الرئيس (باراك أوباما)و لعب أدواراً مشبوهة لصالح “إسرائيل” في الخليج العربي و العالم العربي و الشرق الأوسط عموماً – لا أستبعد أنه مبتعث من قِبل الإدارة الأمريكية تحت غطاء منصبه الدولي (بالأمم المتحدة) خاصة أنه من المعروف (جدلياًّ على الأقل) أن أمريكا بما أنها دولة المقر هي التي تهيمن على منظمة (الأمم المتحدة) و مؤسساتها- يبدو أن أمريكا من منطلق عجزها عن التعامل مع كوريا الشمالية أو حيرتها كيف تتعامل معها قد أرسلت (فيلتمان) للتظاهر بأنها لم تزل في مرحلة ما بعد “الصبر الإستراتيجي” الذي ادَّعت أنه قد نفد و هو على الأرجح يقع على مبعدة آلاف الأميال من النفاد.
يُحتمل أن زيارة الأمريكي (فيلتمان) المسؤول عن الشؤون السياسية في منظمة (الأمم المتحدة) هي أقصى ما تستطيع أمريكا عمله إزاء كوريا الشمالية لطمأنة حلفائها نظرياًّ أنّ كوريا الشمالية تحت مجهرها و لا من داعٍ للقلق أو الهلع. الرئيس الأمريكي يوجد في صحنه الكثير مما يقلقه و أهم ذلك إمكانية عزله و تفكيره في الاستقالة إذا ما تزايدت الضغوط الديمقراطية و بعض الجمهوريين على عزله نتيجة الشبهات التي وصلت إلى حد الأدلة على وصوله للرئاسة بمساعدة روسية من نوع ما. أثار ذلك بالتحديد اعتراف (مايكل فلين) مستشاره السابق للأمن القومي على مكتب التحقيقات الفيدرالية ال FBI بشأن اتصالاته مع السفير الروسي في واشنطن و في الطريق المزيد من الرؤوس التي ستتطاير Many heads will roll و أهمها ( جاريد كوشنير) صهر الرئيس و مستشاره الخاص و صدق المثل الخليجي “صير نسيب و لا تصير إبن عم.” كثيرون أمريكيون و مهاجرون يتمنون عزل الرئيس الذي خرج على كل مألوفات و طقوس الرئاسة الأمريكية النهِم للمال المتطفل على السياسة طريقاً حريرياًّ للحصول على المال. بدأ عهده بالحصول على 460 مليار دولار من السعودية في ضربة واحدة، ناهيك عن أكثر من 50 مليار من دول الخليج العربي الأخرى أطراف أزمة أمريكا من صنعتها و تؤججها و لا تريد حلها و تفضل أنْ تظل مفتوحة لمزيد من الإبتزاز و سرقة المزيد من المليارات تحت غطاء إبتياع السلاح الأمريكي. إذا ما تم عزل الرئيس الأمريكي أو استقال فسيتأكد المثل المصري السائد “ضاعت فلوسك يا صابر.”
المهم أن كوريا الشمالية لن تخضع للشروط التي يحملها (فيلتمان) و هي العودة للمفاوضات سداسية الأطراف إلا إذا تم رفع الحظر عنها كلياًّ فلا مفاوضات تحت الحصار. كل المؤشرات من اللاعبين الكبار لاسيما الصين و روسيا تشجع كوريا الشمالية على الاستمرار في استفزاز و استنزاف أمريكا لأن ذلك يَصب في صالحها. نضيف إلى ذلك عدم تهيؤ الشارع الياباني و الكوري الجنوبي لمجابهة عسكرية في شبه الجزيرة الكورية التي لن يربح فيها من أحد, لاسيما أن الصين اليوم تتحكم في شبه الجزيرة الكورية كلها لسيطرتها الآحادية الجانب على بحر الصين الجنوبي الذي تطل عليه الدول المتحالفة مع أمريكا و هذه الميزة في يد الصين تجعل أي حراك عسكري لحلفاء أمريكا غير مجدٍ لوقوعها جميعاً تحت المجهر الصيني الذي يرصد دبيب النملة فيها.
صحيفة رأي اليوم
أضيف بتاريخ :2017/12/10