إنها فلسطين اليوم والأردن غداً.. بداية الحل في تكنيس كلاب حراسة النظام الصهيوأمريكي إلى مزبلة التاريخ
د. عبد الحي زلوم
المنظومة الجغرافية والسياسية التي أنشأها الاستعمار الغربي بعد الحرب العالمية الأولى ومنها الكيان الصهيوني في فلسطين كقاعدة متقدمة لخدمة أهداف الاستعمار الاقتصادية والجيوسياسية وبطريقة متلازمة ومترابطة مع كيانات سايكس بيكو الهزيلة والعميلة . ساعدت تلك الكيانات على بناء دولة الكيان الصهيوني إما عن طريق العمالة أو الجهالة . كانت تلك الكيانات بما فيها فلسطين تحت الاستعمار المباشر تمّ خلاله تربية طبقة من الحكام أرضعوهم من حليبهم وثقفوهم بثقافتهم فأصبحوا عرباً بأجسادهم وأسماءهم وأغراباً عن أوطانهم في عقولهم وثقافتهم ومبادئهم فأصبحوا وكلاء أو عملاء للغرب مقابل منافع شخصية بكل ما يستطيعوا نهبه من أموال الشعوب أما بلدانهم وشعوبهم فإلى الجحيم . جيوشهم لم تربح حرباً واحدة لكنهم اليوم يصفون أول من حقق الهزائم للعدو الصهيوني بالإرهابيين . وتوكلوا بالدفاع عن مصالح العدو بداية في شيء من الاستحياء ونهاية بدونه وبكل وقاحة . لم يستحي بعضهم من أن يكون أجيراً ووكيلاً للصهاينة وحماية مستوطناتهم ومستوطنيهم تحت عنوان التعاون الأمني . ولم يستحي نفرٌ آخر من فرض الحصار على مليوني لاجئ في غزة .
هناك حقائق لو درسناها وفهمناها بعناية لوصلنا لنتيجة أن عليّنا الخروج من التبعية الغربية من كافة جوانبها السياسية والاقتصادية والاجتماعية لأن مكوناتها طفيلية امتصاصية مادية تتناقض جملة وتفصيلاً مع حضارتنا ومصالحنا. أما أن ننتظرهم علهم يتغيرون فشروق الشمس من الغرب سيحدث قبل إن يتغير هؤلاء.
دعنا نبين هذه الحقائق:
1- اختطفت اليهودية المسيحية بثورتها البروتستنتية مما نتج عنها حضارة صهيومسيحية :تقول الإنسايكلوبيديا ويكي بيديا Wikipedia :”يرى المؤرخون أصل المصطلح (الثقافة اليهومسيحية Judeo-Christian Culture) يعود إلى الثورة البروتوستانتية … وفي السياق الأمريكي يرى المؤرخون بأن استعمال هذا المصطلح هو للدلالة على تأثير العهد القديم اليهودي (التوراة) والكتاب الجديد (الإنجيل) على الفكر البروتوستانتي ومفاهيمه بشكل خاص … لقد رأى المهاجرون الأوائل لأمريكا أنفسهم الوارثين للكتاب المقدس العبري وتعاليمه … والتي أصبحت بدورها أساساً لمفاهيم النظام الأمريكي … لتصبح تلك المفاهيم العبرية أساساً للثورة الأمريكية ، وميثاق الاستقلال ، ودستور الولايات المتحدة.”.كلام واضح لا لبس فيه ! الحضارة الغربية والأمريكية جذورها وروحها يهودية تلمودية!
2- لم يكن دونالد ترامب أول صهيومسيحي في البيت الأبيض:
ففي كتاب نشر سنة 1844 (أي قبل مؤسس الصهيونية ثيودور هيرتزل بنصف قرن) كتب الجد الأعظم لرئيسين أمريكيين يحملان نفس اسمه جورج بوش(وكان أستاذاً للغة العبرية في جامعة نيويورك) كتاباً بعنوان :”وادي الرؤى: إعادة إسرائيل للوجود” طالب بوش في كتابه بالرقي ورفع اليهود إلى مرتبة نبيلة أمام الأمم في العالم وإقامة دولة لهم في فلسطين، فذلك سوف يأتي بالخير على الإنسانية ، حيث يصبح اليهود عندئذٍ همزة الوصل بين الإنسانية والله” منذ جورج واشنطن وحتى دونالد ترامب كان جميع الرؤساء الأمريكيين من البروتستانت الصهيومسيحين هؤلاء باستثناء جون كيندي والذي تم اغتياله في منتصف ولايته!
3- عداء الصهيو مسيحية للاسلام وحضارته مثبتٌ:
كافة أدبيات المحافظين الصهاينة الجدد تقول جهاراً نهاراً أن الحضارة العربية الإسلامية هي العائق الأساسي لتحقيق الهيمنة الكاملة للرأسمالية الصهيو أمريكية على العالم . ومن أوضح ما كتب في ذلك صامويل هانتينغتون، وهو ركن من أركان النظام الأكاديمي الأمريكي في جامعة هارفارد وكذلك عضو فاعل في مؤسسة الأمن القومي الأمريكي، حيث عبر عن ذلك صراحة وبدون التباس، حين كتب في كتابه صراع الحضارات “إن المشكلة بالنسبة إلى الغرب ليست مشكلة الأصوليين الإسلاميين ، بل المشكلة بالإسلام نفسه ، الذي يمتلك حضارة مختلفة يؤمن أصحابها بتفوقها في الوقت الذي يتألمون من ضعف أحوالهم. والمشكلة للمسلمين هي ليست وكالة المخابرات المركزية أو وزارة الدفاع الأمريكية ، المشكلة في الغرب نفسه ذي الحضارة المختلفة، والتي يؤمن أصحابها بتفوقها وصلاحيتها كنظام عالمي ، يرغبون في فرض هذه الحضارة على العالم “
4- الحرب العالمية الرابعة على العالم الإسلامي :
نقلت وكالات الإنباء العالمية عن المدير السابق لوكالة المخابرات المركزية الأمريكية جيمس وولسي ( James Woolsey) في محاضرة له في ابريل سنة 2003 ( أثناء غزو العراق ) في جامعة كاليفورنيا في لوس أنجليس (UCLA)” أن الولايات المتحدة مقبلة على خوض الحرب العالمية الرابعة ( معتبراً الحرب الباردة حرباً عالمية ثالثة). أما الهدف هذه المرّة فهو العالم الإسلامي ، وصولاً إلى إعادة رسم خارطته “وقال” أن هذه الحرب ستكون حرب أجيال .” وأضاف: “هذه الحرب هي ضد ثلاثة أعداء : نظام الملالي في إيران والأنظمة الفاشية في كل من العراق وسوريا، والمتشددين الإسلاميين في كل مكان”.
5- تتم محاربة الإسلام وحضارته العربية والإسلامية تحت عنوان محاربة الإرهاب :
يعرف الجميع أن الولايات المتحدة هي أول من أنشأت المنظمات الجهادية الإسلامية كما في أفغانستان لتحارب حروبها بالوكالة وأنها هي من أنشأت ومولت داعش. ثم بدأت أبواقها تقول: هذا الإرهاب هو جوهر الإسلام فبدأت بمحاربة الإسلام تحت مسمى الحرب على الإرهاب.
تمّ محاربة كافة الأفكار والتنظيمات الإسلامية ابتداء مما اسموه بالإسلام السياسي المنفتح إلى ما اسموه بالإسلام العنيف من منظمات قاموا هم بإنشاءها ورعايتها وتمويلها كداعش. . بدأوا بمحاربة كل قيادات المنظمات الإسلامية ابتداء من بنغلادش حتى قاموا مؤخراً بمحاكمة القيادات الإسلامية بحجة أنها حاربت الجيش الهندي عند انفصال بنغلادش عن باكستان قبل أكثر من 40 سنة وتم إعدامهم وهم في السبعينات والثمانيات من العمر وتم محاربة كل المنظمات الإسلامية حتى المعتدلة منها وتمّ الحكم على قياداتهم بالإعدام.
6- أمريكا هي إسرائيل الكبرى:
إن محاولة تجاهل هذه الحقيقة الواضحة من البعض هو ما بين الغباء والخيانة .
لا يوجد أكثر وضوحا مما قاله أرائيل شارون في 3 أكتوبر 2001 عندما قرر إعادة احتلال الضفة الغربية وهدم معالم الدولة كمطار غزة مثلاً كما نقله صوت إسرائيل ISRAEL KOL عن شارون قوله لشمعون بيريز:” في كل مرة نريد أن نفعل شيئاً تقل لي : أمريكا ستفعل كذا أو أمريكا ستعمل ذاك…” أريد أن أقول لك شيئاً واضحاً جداً: لا تقلق على ضغط أمريكا على إسرائيل . نحن الشعب اليهودي نسيطر على أمريكا والأمريكان يعلمون ذلك.”
كارتر تبين له حينما أصبح كرئيس بأن إسرائيل لم تكن تنوي تحقيق السلام مع جيرانها، كما تبين له عدم استطاعته الضغط على بيغن حتى في قضية تطبيق نصوص اتفاقية كامب ديفيد. وفي ذلك كتب كارتر يقول:” من المستبعد أن تتمكن أي قوة عربية مجتمعة ولا حتى الولايات المتحدة من إجبار إسرائيل على اتخاذ قرارات لا تريدها فيما يتعلق بقضايا رئيسية مثل القدس الشرقية، والضفة الغربية، وحقوق الفلسطينيين، أو الأراضي العربية المحتلة. فمثل هذه الأمور تحسم في القدس.. “
7- إذا كانت إسرائيل هي من تقرر السياسة الأمريكية والإقليمية كما يقول رئيس أمريكي فما الذي تخبؤه للأردن ؟
منذ أن انفصل جابتونسكي عن الحركة الصهيونية في بداية عشرينيات القرن الماضي لأن الحركة الصهيونية وافقت على فصل شرق الأردن عن وعد بلفور ، وحركته تزداد قوة وعنفاً وأصبحت تسمى باللكود الذي حكم دولة الكيان الصهيوني أخر 40 سنة بقيادة نتنياهو اليوم . إذا كان الرئيس كارتر يرى أن السياسة الأمريكية لمنطقة الشرق الأوسط تقررها ( القدس )ويعني إسرائيل فماذا يخبؤه الكيان الصهيوني بالنسبة للأردن ؟
ليس هناك سراً في الأمر . شعار حزب اللكود الحاكم منذ ايام جابتنوسكي وحتى اليوم هو (هذه الضفة لنا – أي فلسطين – وكذلك الأخرى – أي شرق الأردن ). وحيث أن الصهيونية تنفذ برامجها على مراحل فيبدوا أن مرحلة الوطن البديل في شرق الأردن قد آن أوانها.
8- دعنا نرى العوامل الآتية:
تزاد الضغوط الاقتصادية على الأردن لسلب إرادته السيادية السياسية . يتم تجفيف مصادر المعونات التقليدية من دول الخليج والكل يعلم أنها تأتي بناء على أوامر من واشنطن. كذلك أصبحت المعونات الأمريكية مشروطة وستكون غداً بشروط يضعها الصهاينة بتنفيذ أهدافهم .
أدوات الاستعمار الحديث كصندوق النقد الدولي والبنك الدولي تضغط على الأردن بزيادة قوانين الجباية والضرائب على مواطنين منهكين أصلاً قبل قوانين الجباية تلك . كيف يمكن أن نفسر هذا الضغط غير أنه لخلق هوة بين الحاكم والمحكوم في هذا الزمن الرديء خاصة وان البنك الدولي نفسه كتب في إحصائياته أن مجموع الفقراء في الأردن يبلغ 17% والفقراء العابرون 18% أي نسبة الفقر الثابتة والعابر 35% .
بدأ العدو الصهيوني بأعمال استفزازية بأن يهاتف نتنياهو حارس سفارته وقاتل أردنيين بانه يأمل بأنه رتب لقاء حبيبته في نفس ليلة قتل الأردنيين مع رفض محاكمة القاتل .
يستحضرنا القول بأن النظام الصهيوأمريكي لم يخذل فقط ملك الأردن اليوم لكنه خذل والده وجده بل وجده الأعظم وأن الاستعمار الصهيوأمريكي لا صديق له. فشاه إيران لم يجد مكاناً في العالم ليدفن فيه وماذا عن ماركوس ونوريغا والقائمة تطول….
9- وما هو الحل ؟
هناك تيار صاعد في العالم يقاوم الهيمنة الصهيوأمريكية بقيادة دول البريكس وخصوصاً روسيا والصين . ولقد انضم إلى هذا المعسكر دول أخرى منها تركيا وإيران . عليّنا الانضمام إلى هذا المعسكر الصاعد. إن كلفة هذا الانتقال ستكون كبيرة لكن كلفة السكوت وانتظار القادم كقضاء وقدر ستكون أكثر كلفة بكثير جداً. وسوف يساند الشعب قيادته حين سلوكها لهذا الخيار .
10- علينا تحديد من هم الأعداء:
دأب الغرب بتحديد وترسيم من هم أعداءنا ليتوافق ذلك مع هواه ومصالحه. كانت إيران هي المحج للبعض يأتمرون بأمر شاهها وينتهون بنواهيه حينما كان وكراً للصهيونية وعوناً لها . وعندما انقلب عليه شعبه وانقلب على نرجسيته وفارسيته بنظام سمى نفسه بالإسلام أصبحت إيران الصديقة هي العدو اللدود . دفع وكلاء الصهيوأمريكية العراق لمحاربة إيران الجديدة بعد شهور فقط من ثورتها في حرب استمرت 8 سنوات ودفع عرب النفط مئات المليارات من الدولارات . ثم أصبح صدام حسين هو العدو ودفعوا مئات المليارات من الدولارات لإسقاطه وتدمير العراق . آن الأوان بأن نتوقف بقبول الأعداء الأشباح الذي يحددهم لنا الأعداء حسب هواهم ومصالحهم.
صحيفة رأي اليوم
أضيف بتاريخ :2017/12/12