آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
فؤاد البطاينة
عن الكاتب :
كاتب بصحيفة رأي اليوم

هل مستوى الحضور العربي في القمة موقف سياسي لأصحابه ينزع غطاء العروبة والدين عنهم..


فؤاد البطاينة

مع كل حدث يمس قضيتنا الفلسطينية وقضايانا العربية والنزاع العربي الصهيوني نتلمس الحقيقة وننكرها أو نجامل فيها. وهي أن السوس منا وفينا. وأن هذا السوس يتحول يوما بعد يوم إلى سرطان يفتك بالأمة. وما زيارة الوفد البحريني للكيان الصهيوني بتوقيتها ومضمونها إلا مثالا على فعلة متقدمة تتجاوز مرحلة التطبيع في طعنتها وتتعدى كونها تضامنا لمحور عربي مع قرار ترامب إلى ما يمكن أن نسميه خروج للعدو من أحصنة طروادة المزروعة في وطننا العربي،. فهل كانوا صائبين من أطلقوا مبكرا شعار ” الطريق إلى فلسطين تمر من هذه الدولة العربية أو تلك “

عندما تقيم الدول الأوروبية مواقفها الإيجابية من قضايانا على القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية، فإنما هي تفعل ذلك طالما الفلسطينيون ومن ورائهم الشعوب العربية متمسكون بها وبحقوقهم التاريخية،وبوضع خيار المقاومة على أية طاوله. لكن هناك دولا كرتونية في العالم محسوبة على المجتمع الدولي، ولدينا قول شعبي مفاده أن :”الطلقة التي لا تصيب تُدْوش ” ومثل هذه الطلقات قد تنال من مواقفها التقليدية لتأمين حشد دولي لصالح قرار ترامب. ولعل ذلك يؤكد حيوية تقنين الشعوب العربية ومن تريد موالاتها من الأنظمة لخطوات حاسمة في مواجهة التطبيع والتمادي به، فالتطبيع سياسة متنامية في غاية الخطورة على الحقوق الفلسطينية والعربية.

 وأتي الآن على القمة الإسلامية وأتساءل، إلا يعتبر مستوى الحضور العربي بمثابة “موقف سياسي” إزاء الموضوع الذي التأمت القمة من أجله، و أليس في ذلك رسالة للمؤتمرين ولدول العالم تَحمل من الدلائل ما ينزع عن أصحابها غطاء العروبة والدين ؟. ثم أيه مؤتمرات مع الآخرين ستكون فاعلة يا حكامنا وأنتم محاور متناقضة، وعلى أية قاعدة من قواعدكم وأي هدف من أهدافكم، وممن سيستمعون ؟، هل من محور تعتقده وتراه متواطئا، أم من محور الطبطبة والغمغمة والمنظرة، أم من محور الشعوب غير الممثلة في بلادنا.

ليس دقيقا ولا أمينا أن يكتفي المؤتمرون بالقول أن قرار ترامب يصب في مصلحة ” التطرف والإرهاب” ويضعون نقطة بعد ذلك، فهذا هروب من مستحقات الفعلة الأمريكية وتمييعا لها. والأصح أن نقول إنه قرار يصب في صالح مصداقية نهج المقاومة، وأنه قرار له مستحقات سياسية على حكامنا، أولها انتهاء علاقة الصداقة والتحالف بينهم وبين أمريكا، بل وانتهائها بين المسلمين وأمريكا إن كنا جادين بالتزامنا نحو فلسطين والمقدسات. وهذا ما كان ممكنا لو لم يكن لأمريكا وكلاء مشاركين في المؤتمر وآخرين متبرعين في تسويق مواقف مزيفة لهم نلحظها ونشهدها.

 إن المؤتمرات والقمم التي تضم دولا غير منسجمة في سياساتها ومواقفها ونواياها لا تتمخض إلا عن بيانات توفيقية في أحسن الحالات / وقد شبعنا منها نحن العرب. وبات المطلوب اليوم هو الفعل مقابل الفعل وليس الكلام. فهناك اليوم محور عربي صهيو أمريكي في بلادنا عنوانه الشد العكسي، ولا يمكن أن نبقى أسرى لهذا المحور أو مجاملين له على حساب وطن وقضية وكرامة أمة. فالمؤتمرات في حالتنا اللا منسجمة هي اختراق وبيانات وفشل، ولا بديل عن تشكيل محور سياسي من أحرار العرب والمسلمين تصطف خلفه شعوبنا على قاعدة فلسطين عربيه والقدس عاصمتها، وعنوانه لا لأمريكا ولا للاحتلال.

إن مثل هذا المحور المطلوب من شأنه أن يَحفظ نسق وزخم التأييد الأوروبي لقضيتنا من الانزلاق للوراء ويعززه، وأن يضع ضوابط وكوابح للمحور العربي اللامنتمي ولدول أجنبية أخرى تعيش على اقتناص الفرص، ويخلق حاضنة عربية ودولية لنهج المقاومة سياسية كانت أو عسكرية، ويعيد الثقة والأمل لشعوبنا بنفسها.

وعلى الأردن أن يستجيب  لنداءات الخروج من حالة التردد ليكون رائدا في هذا المحور. لقد خُدع وغُدر بأجلى الصور من أمريكا وإسرائيل، وهو الأكثر ارتباطا بالقضية وتداعيات تصفيتها، بل هو محل رئيسي من محلات التآمر عليها والمتضرر الأول من بين الدول بالقرار الأمريكي. ولتكن البداية في معاهدة وادي عربه التي وقعها بالمجان دون أن يسترجع أراضي الضفة الغربية التي خسرها لإسرائيل كأراض كانت جزءا من أراضيه طبقا للقانون الدولي وأمانة لديه، أسوة باتفاقية كامب ديفيد، وتطبيقا لمرجعية مدريد القائمة على السلام مقابل الأرض.

نعلم بأن الأردن قد وقع اتفاقية وادي عربة وقدم فيها هذه التنازلات رغم أنها الاستحقاقات الطبيعية لتوقيعه لها، وقعها مقابل وعود بوأد فكرة الوطن البديل والنجاة بالكيان السياسي الأردني والنظام الهاشمي معا من خلال تطبيق إسرائيل للقرار 242 على الضفة الغربية كمرجعية لمسار التفاوض الفلسطيني الإسرائيلي. إلا أن شيئا من هذا لم يحدث، وتبخر كل شيء. ووصلت أمريكا وإسرائيل لنقطة اللاعودة لسياسة الخداع والوعود. فما المعنى لبقاء المعاهدة ؟. وهل يربط الأردن بقاؤها بشرط تراجع أمريكا عن قرارها، والتزام إسرائيل وإعلانها بأن تكون مرجعية أي عملية سلام هو الانسحاب من كامل الضفة الغربية استنادا لمرجعية مدريد.؟

صحيفة رأي اليوم

أضيف بتاريخ :2017/12/15

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد