لغز مقاتلي تنظيم داعش.. أين “اختفت” جحافله وجيشه الجرار؟
د. نبيل نايلي
“رغم مقتل عدد منهم، نجا الآلاف وتمكنوا من مغادرة سوريا. اليوم من المؤكد أن عددا منهم أصبح في البلقان حيث يمكثون بعيدا عن الأضواء للعثور على فرصة للتسلل إلى أوروبا”. بروس هوفمان، Bruce Hoffman، الباحث الأمريكي المتخصّص في الإرهاب.
ما انفك “المحلّلون” و”الإستراتيجيون” يؤكدون أن مقاتلي تنظيم داعش ضم في صفوفه بين حوالي 40 ألف مقاتل أجنبي! انضموا إليه أثناء حديثه عن “خلافة ” “الدولة الإسلامية في سوريا والعراق” (داعش)، ورغم غارات هذا التحالف الدولي ومقاتلات روسيا وغارات الجيش السوري، لا يزال بعضهم يصمون آذاننا بهذا العدد فأين “اختفت” عن الأسماع أخبار هذه الجحافل وأين تواروا عن صفحات التقارير وجداول الأرقام؟ وإذا افترضنا أن الآلاف أو المئات منهم ظلوا يقاتلون دفاعا عن آخر معاقلهم، فماذا عن الآخرين؟ وما هي المسارح الأخرى التي نُقلوا إليها -كرها أو طوعا- أو أرسلوا إليها أو اضطروهم إلى قبولها حتى لا يتركوا للموت الرخيص الآن وقد أنجزوا مهماتهم القذرة في سوريا والعراق وبعد أن لم يعد مرحّبا بهم سجن غوانتانامو كما الأفغان، أو تعذر العثور لهم على “نقاط سوداء، Black Sites”!
“الخبراء” الأمريكيون هم أيضا اعترفوا للمسفّهين أو المشكّكين أن هؤلاء المقاتلين “لم يقضوا جميعا في المعارك، رغم مقتل عدد كبير منهم في حملات القصف الجوي المكثفة”، وأضحوا أنهم باتوا “يشكّلون خطرا –اقرأ مصدر ابتزاز- كبيرا في الأشهر والسنوات المقبلة”.
مدير المركز الدولي للأمن والدفاع في مجموعة راند كوربوريشن، Rand Corporation، للبحوث سيث جونز، Seth Jones ، يسّاءل الأسئلة الاستنكارية التالية: ” كم هو عدد قتلاهم؟ كم منهم ما زال على قيد الحياة، مستعدا لمواصلة القتال؟” مضيفا “كم منهم تخلوا عن النضال أو ذهبوا لمواصلته في مكان آخر؟ لست على علم بتقديرات جديرة بالثقة”.
معلومات أوردها أوروبيون تفيد أن منهم الناطقين باللغة الفرنسية قد عبروا نحو أوروبا عبر تركيا خلال استغلالهم ظروف الفوضى السائدة في سوريا، وفي بعض المناطق اتفاقات الإجلاء التي تم التفاوض عليها مع الفصائل الكردية، “لإلقاء أسلحتهم والاندماج مع حشود اللاجئين المدنيين الذين يتجمعون بكثافة في مخيمات في مختلف أنحاء المنطقة”.
حتى أن شهادات مهرّبين على الحدود السورية التركية أكدت “توافد مقاتلين من التنظيم إلى تركيا يدفعون مبالغ كبرى للمهربين” هذا إذا لم تطلهم فرق العمليات الخاصة وتصفيهم!
أما البعض الآخر فاختار ليبيا ودول الساحل وأفغانستان والمناطق القبلية الباكستانية والصومال واليمن، أو بشكل عام الدول التي يعتبرها بعض “دبلوماسيين و”عسكريي” الألوان الـ”مناطق رمادية، gray zones” في العالم!
ولسائل أن يسأل أين تقع هذه المناطق الرمادية أو أغلبها؟ ولماذا يُبقى عليها فزاعة أو شماعة أو مسوّغا لتدخّل عسكري “إنساني” جدا يحولها إلى دول فاشلة ومرتعا لجيوش الجيل الرابع من الحروب! أو ورقة ضغط على قوى صاعدة منافسة ما دمنا صرنا مجرّد رقعة الشطرنج والبيادق التي تتقاذفها الأمم!
ألا يزال بعضكم يسّاءل كيف تخبو هذه التنظيمات لتفرّخ أخرى؟ غريب أمر مازوشيتكم المزمنة!!
صحيفة رأي اليوم
أضيف بتاريخ :2017/12/17