أزمة المتقاعدين وهجرتهم خارج الوطن!!
عبدالله الجميلي
* قبل أيام جمعتني رحلة جوية بأحد كبار السن؛ (إنه العم مسعود) الذي ذكر لي بأنه متقاعد من إحدى المؤسسات الحكومية بعد أن خَدم وطَنه من خلالها لأكثر من (33 سنة)، لم يتأخر يومًا، ولم يتضجر، ولم يَرفع صوته بالشكوى مع أنه تعرض للتجميد الوظيفي والحِرمان من الترقية لسنوات طويلة، لأسباب لا علاقة له بها، ومنها عدم وجود الشواغر في الجهة التي يعمل بها!
* سألته عن أحواله بعد (التقاعد)، وهنا أطرق قليلًا، وحاولَ كتمان آهَات حَرّى لكنها غَلَبَتْه، ثم قال: الحمد لله على كلّ حال - لكن هناك أزمة اقتصادية حقيقية أرهقتني، وكانت عَليّ مع سوء حالتي الصحية؛ فللأسف راتبي أثناء العمل كان أغْلَبه بَدلات سقطت بعد التقاعد، لأكتشف أن معاشِي التقاعدي لا يتجاوز الـ (2200 ريال)، وهو مبلغ زهيد في ظِل ارتفاع أ سعار ضَروريات الحياة، وهذا أجبرني على امتطاء سيارتي العجوز المتهالِكة، واللّف بها في الطرقات بحثًا عن المَشَاوير، وزيادة الدّخل؛ وهنا انتهت الرحلة وبقيت حكايات (معاناة العجوز الطّيب مَسعود)، التي تمثل حالَة عامة لشريحة كبيرة من المواطنين، تبدأ أزمتهم بمجرد تقاعدهم!!
* أولئك الذين أفنوا معظم سنين أعمارهم في خدمة وطنهم ومجتمعهم، كانوا يُمنون النّفس بأن تقاعدهم محطة، بها تبدأ مسيرةُ راحتهم بعد عناء، وتكريمهم بعد عطاء، ولكن الواقع كان صَادمًا لهم، وهو الذي أجبرَ بعضهم إلى الهجرة عن الوطن طلبًا للمعيشة الأرخص
؛ ولهذا الغرض يسكن (مصر) الآلاف من السعوديين المتقاعدين، كما أشار لذلك تقرير نشرته صحيفة الرياض الشهر الماضي!
* ولإخراج المتقَاعدين، لاسيما ذوي الدخل المحدود من دوامة أزمتهم وغربة طائفة منهم، من الأهَمّ أن يكون لمعاشاتهم التقاعدية حَدٌّ أدنى لا يقل عن (5000 ريال)، على أن تصحبه علاوة سنوية تواكب التضخم وغلاء الأسعار!
* أيضًا حقُّهم تأمين طبي، وتخفيضات في رسوم الخدمات الحكومية والخاصة، ووسائل النقل، وكذلك أندية اجتماعية تحتضنهم، وفعاليات تُفيد من خبراتهم وتجاربهم!
* ولتفعيل تلك الحقوق والمتطلبات لابد من (هيئة عليا لرعاية المتقاعدين)، وهناك اقتراحٌ بإنشاء صندوق وأوقاف استثمارية لبرامج دعمهم؛ أمّا (الجمعية الوطنية للمتقاعدين)، فنسمع منهم دائمًا جَعْجَعَة ولا نرى طَحنًا، وهذا ما أكّده لِي (صديقي العَمّ مسعود).
صحيفة المدينة
أضيف بتاريخ :2017/12/26