اللعبة الدامية في الشرق الأوسط ملاحظات متفرقة حول مشهد موحد.. من الذي أسقط الطائرة الإسرائيلية؟
بسام أبو شريف
منذ الأزل ، اللعبة على هذه الكرة الأرضية كانت لعبة القوة والضعف ، أو لعبة سيطرة القوي على الضعيف ، ومحاولة الضعيف التخلص من القبضة الخانقة للقوي، قانون الغاب الذي نراه على شاشة ” ناشيونال جيوغرافيك ”، هو نفس القانون الذي يحكم البشر وصراع الأمم وبطش القوي بالضعيف.
استنادا لقانون الغاب المكسو بثياب براقة مصنوعة من تعابير حرية وديمقراطية ورغبة الشعوب واتهامات بكم الأفواه وذبح الحريات يقوم القوي الذي يذبح وهو يبتسم ويحتل وهو يدعو للحرية والبطش والاغتيال وهو يدعو إلى الحرية، وتمويل مئات الآلاف من المرتزقة تحت رايات تلك الادعاءات ليرتكبوا المجازر ، ويمزقون وحدة الشعوب ويدمرون ما بنته أيدي الفقراء خلال عقود من الزمن بلحظات صواريخهم وقنابلهم، وأن قاومتهم الشعوب يتهمونها بالإرهاب ، وتطبل أجهزتهم الإعلامية وتزمر لدرجة أن بعض البسطاء من المسحوقين بأحذية جنود الطغاة يصدقون ما تقوله أجهزة هؤلاء الاستعماريين.
مصلحة الأقوياء ذات شجون، لكنها تمتلك نفس العناوين وتشكل نفس ميادين النزاع والرغبة في السيطرة :-
الهيمنة على مصادر الطاقة
الهيمنة على مصادر الثروات المعدنية
السيطرة على التكنولوجيا
– الهيمنة على طرق المواصلات البرية والبحرية والجوية
دول تقوى وتصعد وتهيمن، ودول تهبط في ميزان القوى فتفقد للأقوى مواقعها، وقوى تصعد وتتنافس من منطلق الشراكة مع الشعوب التي تحتاج إلى التكنولوجيا والاستثمارات حتى تصبح قادرة على جني ثمار ثرواتها.
ترامب خدع الكونغرس بشأن الموازنة ، وربما كان الكونغرس يعلم أنه المخدوع ووافق على ذلك، زادت الموازنة عشرات المليارات منها حوالي مئة مليار لتجديد الأسلحة الصاروخية والنووية والبحرية، ورصد قرابة 89 مليار دولار موازنة احتياطية لحروب قد يشنها ترامب ؟!! ، وعلق ترامب على اقرار ما جعله يبدو تنازلا من طرفه: أنا ملك عقد الصفقات ؟! .
لقد لعب ترامب لعبته بأن قدم للكونغرس موازنة تفوق بكثير ما كان يريده ، وصارع الكونغرس لدرجة تعطيل العمل الحكومي مرتين لعدم وجود موازنة، ثم تراجع ترامب ووقع الميزانية التي كان يسعى لها فعليا بعد أن خدع الكونغرس بإعلان موافقته على تخفيض ما كان قد أضافه للموازنة التي يريدها !!!.
رئيس يخدع المجلس التشريعي – الكونغرس فماذا نقول حول ما يفعله في الدول التي يراها “حثالة ”، وأنه القادر على إلغائها أو سجقها أو منح مدنها وأراضيها لمن لا يستحق كما جرى في القدس وفلسطين.
الأقوياء المتصارعون لا يتوقفون عن مواجهة بعضهم البعض ( وإن كانت المواجهات ساخنة)، إلى أن يصل الأقوياء إلى قناعة بأن اللحظة حانت للوصول إلى ”حل وسط” ، أو إلى مساومة أو ربما إلى صفقة ( حسب تعبير ترامب )، لكن للمستضعفين رأي أيضا، إذ أن التاريخ يبرز بأحرف من نور نضال شعوب كانت ترزح نير الاستعمار، ثم هبت لتقاتل وتنتصر وتتحرر، لقد هزم الفيتناميون الولايات المتحدة شر هزيمة ، وشاهدتهم بأم عيني يهربون من سايغون والفوضى تدب في أوساطهم ، تماما كما شاهدت عشرات الآلاف من الأطفال الذين تركهم الجنود الأمريكيون خلفهم.
كوبا انتصرت على الولايات المتحدة ، لقد استندت هذه الشعوب لدعم الاتحاد السوفيتي، الذي كان يرى في تحرر الشعوب انتصارا للإنسانية والعدالة والحرية.
وحاولت الولايات المتحدة مستغلى كل الوسائل تحويل العالم الى مملكة تحكمها واشنطن، وبذلت كل الجهد والمال لتخريب روسيا وزرع الفساد فيها، واستخدمت كل المافيات التي يمكن للإنسان أن يفكر بها ( بمافيها مافيا روتشيلد )، لكن روسيا نهضت وتذكرت أن ستالين الجورجي كان يوجه خطاباته أثناء الحرب العالمية الثانية قائلا: ” أيتها الأمة الروسية العظيمة ” ، أمة نهضت لتقول لواشنطن لن نسمح بأن تحكم واشنطن العالم، وسنقف إلى جانب الشعوب المستهدفة ، وفعلت هذا مع إيران وسوريا، لكن روسيا تعلم أيضا أن الصراع يجب أن يتوقف عند نقطة تقتنع عندها واشنطن وموسكو بأن لابد من التوصل إلى حلول وسط وعقد صفقة، في ميزان القوى المتغير يوميا تحسب حسابات القوى الحليفة للأقوياء، في الشرق الأوسط مثلا لواشنطن حليف زودته بقوة متفوقة وتستطيع أن تعتمد عليه للبطش وشن الحروب في المنطقة …أي إسرائيل، ولواشنطن حلفاء يدرون عليها المال لقاء سلاح قارب على إنهاء خدماته، لكنها لا تعتمد عليهم كقوى مقاتلة ولن تتردد في تقسيم بلادهم كالجزيرة لخلق كيانات تقبع تحت أمرة قواعد واشنطن العسكرية في المنطقة ، كلنا يذكر ” أو ربما البعض ” ، ما قاله ترامب عن دول الخليج : ” لقد خلقنا نحن تلك الدول ، وهي ليست دول ” ، أما روسيا فقد أصبح معلوما لدى واشنطن بأن ميزان القوى في الشرق الأوسط اهتز وتغير، ولم يعد لصالحها كليا، بل جزئيا، فقد شكلت إيران وسوريا ومحور المقاومة حليفا مكن روسيا من العودة للمتوسط وبقوة كبيرة ، ولاشك أن الزخم الذي اكتسبه الوجود الروسي لن يبقى محدودا في سوريا وإيران والمقاومة بل سيبدأ في التأثير تدريجيا في العراق و” كردستان ” وليبيا ومصر والجزائر واليمن، فجأة أصبحت زيارات بنيامين نتنياهو متكررة وبفترات قصيرة تفصل بينها لإجراء مباحثات مع الرئيس بوتين، وهذا إشراك غير مباشر لروسيا في معضلة الشرق الأوسط ، وما يطلق عليه ” عملية السلام ”، التي سحقها الأمريكيون برضوخهم لكل مطلب صهيوني.
وهاتف الرئيس ترامب الرئيس بوتين ليلة 12-2-2018 ، بعد زيارة أبو مازن لموسكو ولقائه بالرئيس بوتين، ومطالبته بتعويم عملية المفاوضات، ورفضه أن تكون أمريكا الوسيط الوحيد.
ماذا قال ترامب للرئيس بوتين ؟ ، قال له: ” آن الأوان أن نجد حلا دائما للصراع الفلسطيني الإسرائيلي”.
آن الأوان بلغة ترامب أن موعد الصفقة وشروطها قد حانت، وأنه يريد مشاركة موسكو ، وفي هذا القول لترامب ترى أنه مستمر في لعبة الشد والرخي، فهو يريد أن يهمش أوروبا، وأن يقطع الطريق على مزيد من تعديل ميزان القوى، ويريد أن يقول أن إسقاط طائرة اف 16 بعد إسقاط الطائرة الروسية فوق ادلب أمر يسوي تلك الأزمة التي سببها تزويد الأمريكيين للنصرة وبقايا داعش صواريخ محمولة على الكتف استخدمت لإسقاط الطائرة الروسية ، ” وهذا خرق للتفاهم الأمريكي الروسي حول أجواء سوريا ”.
مسيرة الألف ميل :
انتصار الأمة العربية حتمي لكنه يتطلب مسيرة طويلة مضنية ومكلفة ، لكن لابد منها أن أرادت أمتنا أن تجد مكانها الصحيح بين الأمم كافة ، حرة راقية متطورة وتخدم الإنسانية.
عندما سار ماوتسي تونغ الألف ميل رافقه في كل مرحلة أناس تخلوا عن السير في مراحل مختلفة ، وتحالف ماوتسي تونغ مع كل الوطنيين وليس فقط مع اليساريين، ومثل تشاكاي تشك بارز بوضوح ، والسيد حسن نصرالله ملم بعمق بتاريخ نضال الشعوب ودروسه، لذلك قال: ” نحن مستعدون أن نسير مع من يريد أن يسير معنا حتى لمسافة ميلين فقط ”، لكنه يعلم أن المسافة التي يجب أن نقطعها هي ألف ميل.
هل يمكن أن يتوصل العقل الجماعي المقاوم إلى معادلات تبقي النضال مستمرا ومتصاعدا ويراكم نحو النصر الكبير، وفي الوقت نفسه توظف التناقضات السياسية العميقة ، وغير القابلة للحل بين من يتحدث حتى الآن بالمفاوضات إنما بتركيبة جديدة – منها تركيبة مجلس الأمن، العقل الجماعي هو الذي يستطيع أن يرسم الخطط التي تجعل المواقف والأدوار متكاملة.
نعرف بدقة كم كانت صراعات التنظيمات الصهيونية عنيفة ودموية لكن عقل الصهاينة وحلفائهم توصل إلى خطط متكاملة لإقامة دولة إسرائيل بدعم من حلفائها في لندن وواشنطن وباريس ، هل يمكن للمقاومة أن توظف تناقض السلطة مع ترامب ولو لميلين ؟
أسجل هذه الملاحظة ضمن دائرة التكتيك ، فانا على يقين ان اقامة دولة فلسطينية مستقلة كاملة السيادة وعاصمتها القدس ” وحتى بدون عاصمة ”، تتطلب من القوة والاستعداد ما يوازي القوة والاستعداد الذي نحتاجه لإلحاق الهزيمة الكاملة بإسرائيل، وأنا على يقين أن هذه اللحظة ستأتي وربما بوقت أقرب مما يتصور الكثيرون ، إذ أن هبوط ترامب مثلا سيعني سلسلة من الانهيارات في إسرائيل ، واستمرار تراكم الانتصارات في سوريا، وعلى يد محور المقاومة سيحدث هزات في ثقة الإسرائيليين بليبرمان ونتنياهو
كيف سقطت واحترقت الطائرة الحربية الإسرائيلية ؟
ماهو نوع الطائرة ؟ هل هي اف 16 أم اف35 ؟؟
لماذا تدرس لجنة إسرائيلية أمريكية مشتركة ” تضم خبراء ”، إسقاط الطائرة وما أحاط بها من عوامل وظروف، ما هو نوع الصاروخ الذي أسقطها ؟ ولماذا لم تصلها الصواريخ عندما كانت تقصف أهدافا في سوريا وأصابها صاروخ وهي فوق الجليل ؟ ، هل كانت تعلم موسكو بذلك ؟ ، لا يوجد لدي إجابات دقيقة أو مؤكدة على هذه الأسئلة ، لكن أستطيع أن أرسم سيناريو لما حدث.
لصالح رأي اليوم..
أضيف بتاريخ :2018/02/16