السعودية تغذي حرب أهلية طويلة في اليمن وإليكم خارطة القوى المنخرطة في القتال
طالب الحسني
رمت السعودية والإمارات وأعضاء التحالف الذي تقوده بكل ثقلها العسكري والإعلامي والسياسي في العدوان على اليمن ، حتى هذه اللحظة تجهل السعودية وكل هؤلاء إن كان كل بوسعهم الخروج من هذه الحرب أم لا ؟ وما حدود هذا الاستمرار!!
نشارف على انتهاء العام الثالث من العدوان نستطيع أن نقول للسعودية وللمراقبين أن السواد الأعظم من اليمنيين غير مقتنعين بالمبررات التي قدمها التحالف لهذه الحرب ، نستطيع الجزم أيضا أن الجميع هنا يدركون تماما أن إعادة ” الشرعية ” لم يعد حتى مجرد غطاء لهذه الحرب باعتباره الأبرز ، إذ أن السعودية أعلنت وفي مناسبات مختلفة عناوين أخرى من بينها منع قيام حزب الله جنوبها ومواجهة ما تسميه “أذرع إيران”، وهو ما قاله محمد بن سلمان منتصف 2017 .
ليس بإمكان أحد أن يدعي لصالح السعودية أن الجبهات والمجوعات المسلحة والقوى المتباينة التي تعمل لصالح التحالف تقاتل من أجل إعادة هذه ” الشرعية ” المزعومة ، أكثر من ذلك أن عبدربه منصور هادي وهو الرئيس الشرعي بالنسبة للسعودية تحت الإقامة الجبرية في الرياض وممنوع من العودة إلى مدينة عدن على الأقل ، وما بات مؤكدا أن هناك ” فيتو” إماراتي بالتفاهم مع السعودية وله علاقة بتموضع الحراك الجنوبي المسلح ومجموعة المجلس الإنتقالي الذين يهددون بالانسحاب من الجبهات ، بهذا المفهوم فإن التحالف يغذي ويشارك في حرب أهليه مفتوحة ويحاصر اليمن ، ويمنع من الوصول إلى حلول توقف نزيف الدم.
خارطة المواجهات والأطراف المنخرطة التي تتموضع في هذه الحرب المفتوحة ، ترسم طريقا مختلفا عن ما هو معلن أمام المجتمع الدولي ويستند إلى القرار 2216 ، جميع هذه الأطراف منخرطة وتقاتل لتحقيق أهداف مختلفة لا يمكن جمعها ، الانتقالي الجنوبي ومجموعته وتدعمه الإمارات يقاتل للحصول على الانفصال وفك الارتباط عن الشمال ويرفع شعاره وأهدافه علنا ودون مواربة ومنع رفع أعلام الدولة اليمنية الموحدة في معظم المحافظات الجنوبية ، الجماعات السلفية بمختلف اتجاهاتها يقاتلون تحت عنوان طائفي ويرفعون هم الآخرون شعاراتهم وأهدافهم ، الإخوان المسلمين ( التجمع اليمني للإصلاح) يقاتلون لاستعادة حضورهم السياسي في اليمن وهم الذين كانوا قد وصلوا إلى السلطة في 2011 ، مجموعات أخرى كانوا قد بايعوا القاعدة يقاتلون أيضا ، وتتركز جبهتهم بشكل أكبر في محافظات البيضاء وشبوة وأبين وسط وجنوب شرق اليمن ، وثمة جهود كبيرة سعودية إماراتية حثيثة لتكوين قوة عسكرية أخرى يقودها ، طاق محمد صالح نجل شقيق علي عبد الله صالح ، هذه المهمًة تبدو صعبة حتى الآن ومعقدة وتصدم بتماسك المؤتمر الشعبي العام الذي يقوده بعد مقتل صالح الشيخ صادق أبو راس وجدد هذا الأخير تحالفه مع أنصارالله في مواجهة العدوان، حتى هذا المكون بقيادة طارق لا يعترف بشرعية هادي ، بالتالي أغلب هذه الفصائل والمكونات العسكرية التي تمولها السعودية والإمارات لا تقاتل لإعادة ” الشرعية” بهذا المفهوم فإن التحالف الذي تقوده السعودية يغذي حرب أهلية طويلة في اليمن
تبسط الإمارات والسعودية السيطرة على جزيرة سقطرى وجزيرة ميون ، ومحطة بلحاف الغازية وميناء عدن ونشرت قوات عسكرية في محافظة المهرة على الحدود مع سلطنة عمان وتبني قواعد عسكرية في هذه الجزر والمناطق جنوب اليمن ومطلة على البحر الأحمر والعربي ، وعلاوة على كون هذا الانتشار والتموضع ليس له علاقة بإعادة الشرعية ويتنافى تماما مع كل ما هو معلن وتكشّف للكثيرين أن قوات التحالف باتت قوات احتلال صريح وبكل المقاييس تجهل السعودية إلى أين تتجه في هذا المسار ، وما هو حجم التململ الشعبي في المناطق التي تقول أنها تحت إدارة ما يسمى الشرعية بيد أنها ليست كذلك، وهم يتابعون هذا التموضع على الرغم من أن السعودية خسرت أصوات كثيرة كانت مؤيدة وتحولت إلى وصف ما يقوم به التحالف بالاحتلال من بين هذه الأصوات الناشطة الحقوقية الحاصلة على جائزة نوبل ، توكل كرمان ، وهناك تيار محسوب على الإخوان المسلمين تقيم قيادته في تركيا وقطر هؤلاء أيضا يرون أن ما يقوم به التحالف لا علاقة له بإعادة ” الشرعية” عدا عن تيار الحراك الجنوبي السلمي الذي أسسه ويقوده حسن باعوم ، يقيم هذا الأخير في القاهرة ولهذا التيار شارعه ومناصريه في المحافظات الجنوبية ، يرفض هذا التيار بقوة العدوان وما تقوم به السعودية والإمارات في المحافظات الجنوبية ، مجموع ما نوضحه هنا أن كرة الثلج قد تتدحرج في أي لحظة وتجرف الوجود السعودي الإماراتي وتتسع دائرة الصراع في هذه المحافظات
على مدى هذه السنوات الثلاث هذه هي الخارطة العسكرية والسياسية في اليمن ، ومافعلته السعودية والإمارات يقود إلى احتراب طويل تغذيه بأطنان من الأسلحة وبتغطية جوية لن يوصل إلى حسم عسكري مطلقا ضد أنصار الله والقوى السياسية والقبلية الحليفة والمناهضة للعدوان ، بل إلى توسيع هذه الحرب في ظل تفاقم الأوضاع الإنسانية المرّة ، والأمر من ذلك هو تغاضي المجتمع الدولي عن ما يحصل لهذا الشعب العربي الطيب .
صحيفة رأي اليوم
أضيف بتاريخ :2018/02/18