معركة الغوطة تنتقل إلى مجلس الأمن وإجهاض الخطة الأميركية فيها
إبراهيم شير
شراسة المعارك وحدتها في الغوطة الشرقية لدمشق وفي العاصمة نفسها، انتقلت إلى معركة لا تقل ضراوة عنها ولكن دبلوماسية في أروقة مجلس الأمن الدولي. السويد والكويت مشكورتان تقدمتا بمشروع قرار ينص على هدنة إنسانية في سوريا لمدة 30 يوميا يتم خلالها إدخال المساعدات الإنسانية للمناطق المحاصرة، ولكن هذا القرار بالرغم من انه ايجابي ولكن بعين واحدة مثل معظم القرارات الدولية التي صدرت بشأن سوريا منذ أكثر من 7 أعوام وحتى الآن.
القرار طالب الدولة السورية بمفردها بإيقاف العمليات القتالية، متجاهلا بشكل واضح القوة العسكرية الهائلة لدى الجماعات المسلحة وعلى رأسها جبهة النصرة الإرهابية وجيش الإسلام في الغوطة الشرقية، إضافة إلى أنه لم ينص على عدم قيام المسلحين بأي تغيير على ساحة المعركة قد يؤثر عليها فيما بعد، إضافة إلى أنه لم يحمل الجماعات المسلحة المسؤولية عن القصف اليومي على العاصمة دمشق والذي راح ضحيته مئات الضحايا من المدنيين، ولم يستهدف أي منطقة أمنية، حيث أنه على العكس تماما كان القصف مباشرا على الأحياء السكنية. وهذه الأمور تجعل من القرار محل جدل واسع ورفض من قبل دمشق وحلفائها في موسكو وطهران. إضافة إلى أن دمشق تريد بعض المطالب من قبل الدول الغربية والعربية الداعمة للمسلحين، وتتعلق بمستقبل المنطقة ككل خصوصا شرق الفرات.
الاستنفار الدولي من أجل الغوطة كان مفاجئا بمقدار العملية العسكرية عليها، لان التحرك العسكري من قبل دمشق نحو هذه الخاصرة قد أنهى أخر ورقة قد يلعبها الغرب لقلب الطاولة في سوريا وإعادة الأمور لنقطة الصفر. فمنذ منتصف عام 2014 لم يوجد فعليا أي تهديد حقيقي قد يسقط الدولة السورية، بالرغم من تقلص مساحة سيطرتها على البلاد في ذلك الوقت، ولكن الآن كان هناك خطة أميركية تركية سعودية وهي من ثلاث مراحل رئيسية يتم العمل عليها بوقت واحد، أولها نقل عدد من المسلحين الذين تم تدريبهم بشكل مركز على عدة أعمال قتالية، وإنزالهم جوا في الغوطة من قبل طائرات مروحية أميركية. أما المرحلة الثانية فهي فتح خط الطريق بين إرهابيي داعش المحاصرين في البادية السورية والجماعات المسلحة المتمركزة في منطقة التنف والمسافة بينهما تقدر بـ75 كيلومتر، ومن ثم فتح معركة باتجاه منطقة الضمير. أما المرحلة الثالثة فهي فتح الطريق والمعارك من ريف درعا الشمالي باتجاه الغوطة والمسافة تقدر بـ46كيلومتر. هذا المخطط دفع دمشق للزج باشرس مقاتليها على مدار الحرب السورية ولمن كان لديهم خبرة قتالية كبيرة ضد داعش والنصرة، في هذه المعركة وتجميدها لجميع المعارك الأخرى، وبهذا التحرك السريع والمفاجئ نسفت دمشق هذه الخطة، وهو ما يفسر الغضب الغربي الكبير تجاه هذه المعركة.
أما موسكو فقد وعدت قبل بداية مؤتمر الحوار السوري – السوري في سوتشي بأن جميع من لم يحضر سيعتبر جماعة إرهابية وسوف تتم تصفيته، وطبعا جيش الإسلام الفصيل الأقوى في الغوطة رفض الحضور، وروسيا لم تنسى ذلك، وهذا الأمر تحديدا يفسر الرضى الروسي حول عملية الدولة السورية في الغوطة، إضافة إلى أن موسكو قد فهمت وأخيرا اللعبة الأميركية في سوريا، وهو ما يفسر تصريحات واشنطن بأن الحوار مع روسيا بشأن سوريا بات أصعب من أي وقت مضى.
قلوب الجميع تتقطع على الضحايا المدنيين سواء في الغوطة أو في أحياء دمشق أو في كفريا والفوعة، ولهذا يجب على الجميع تقديم تنازلات لعلها تساهم في إيقاف شلال الدم السوري.
صحيفة رأي اليوم
أضيف بتاريخ :2018/02/25