مريم الشروقي

لن نتطرّق إلى ملف المتقاعدين الذي يمس الدولة، ولن نتحدّث عن حقوقهم اليوم، ولن نفتح ملفّات عديدة لهم وعليهم اتجاه الدولة، ولكننا نريد فتح ملف اجتماعي يعانيه المتقاعد ونعتقد بأنّ الأسرة تعانيه معه هي الأخرى.

أوّلا المعاناة الاقتصادية، فالمتقاعد يقل راتبه كثيرا كما تعلمون بعد التقاعد، ويؤثّر ذلك على الأسرة بشكل مباشر، فما كان بالأمس مباحا أصبح صعب المنال، وحتّى الطالب الذي يريد الدراسة في الجامعة الخاصّة أو الحكومية يفكّر ألف مرّة في المصاريف، وهذا مثال بسيط من أمثلة عديدة حول المعاناة الإقتصادية.

ثانيا المعاناة الإجتماعية، فالفراغ الذي يعيشه المتقاعد ليس سهلا بعد مضي فترة طويلة من العمل الثابت، ويجعل نظامه يختل شيئا فشيئا، نظامه الإجتماعي طبعا، الحياة الإجتماعية مع الآخرين وأصحابه القدامى تخف إذا كان تقاعد وهم لم يتقاعدون بعد، فيبتعد شيئا فشيئا عنهم من دون أن يشعر، كذلك النوم الذي يزيد في النهار ويقل في الليل، وينطوي على نفسه وهذا يُشكّل خطورة كبيرة لمعاناته النفسية.

ثالثا المعاناة النفسية، وهي أخطر أنواع المعاناة لدى المتقاعد، إذ يسأل نفسه كلّ يوم تقريبا لماذا تقاعدت؟! وتنتابه موجة غضب حادّة في أغلب الأحيان وعند أغلب المتقاعدين في بدايات تقاعدهم، إلاّ القلة القليلة، والانطواء والحزن الشديد الذي يؤدي لدى البعض الى الاكتئاب، وهناك شريحة من المتقاعدين قد يحاولون العيش في الماضي، وللأسف أوّل من يبتعدون عنه هو الحبيب والرفيق والزوج والصديق!

وزارة العمل والتنمية الاجتماعية هل لديكِ حلول للمتقاعدين؟! مؤسسة الشباب والرياضة هل تشركون المتقاعدين في فعالياتكم؟! وزارة التربية والتعليم هل تستفيدون من خبرة المتقاعدين؟! وزارة الداخلية أينكم من المتقاعد الذي أعطاكم عمره كلّه، هل تقومون بإشراكه في فعالياتكم أو تستفيدون من خبرته؟! وغيرها من الوزارات ومؤسسات الدولة التي نتمنى أن تُشرك المتقاعد وأن تُقدّم له البرامج والفعاليات وأن تستفيد من خبراته، حتى لا يعاني المعاناة التي تحدّثنا عنها آنفًا، فابن الوطن الذي قدّم 30 أو 40 أو حتّى 20 سنة من عمره في خدمة الوطن، يحتاج إلى الدعم المعنوي بجانب المادي، فنحن لا نتكلّم اليوم عن الدعم المادّي والمالي وان كان مهمّا جدّا جدّا، ولكن نتكلّم عن الكلمة الطيّبة وعن التواصل والتكافل الذي أوصانا به المصطفى محمّد بن عبدالله (ص).

لصالح مدونة "صوت المنامة"