الأسد في الغوطة.. ضربة استباقية لواشنطن ومصداقية عالية لدمشق
إبراهيم شير
في الذكرى الثامنة للازمة السورية أو ما يريد الغرب تسميته “بالثورة السورية” ظهر الرئيس بشار الأسد، بسيارته يقودها بنفسه دون مرافقة معلنة يقطع العاصمة دمشق من وسطها حتى شرقها وصولا إلى الغوطة الشرقية التي كانت طوال الفترة الماضية التهديد الحقيقي للعاصمة ومصدر ثقل كبير للجماعات المسلحة والدول الداعمة لها سواء عربيا أو غربيا، وسحبت ورقة مهمة منهم في المفاوضات المقبلة وعززت من موقع دمشق فيها.
زيارة الرئيس الأسد للغوطة ووقوفه على الخطوط الأولى للمعارك بالزي الميداني وبدون درع واق، هو رسالة صريحة وواضحة للولايات المتحدة، مفادها بأنه باق في عاصمته ولن يغادرها مهما كبرت التهديدات، وذلك لان الرئيس الأسد زار الغوطة بعد أقل من 12 ساعة من التهديدات الأميركية بقصف دمشق، وظهور إشاعات صدقتها بعض القنوات بأن الدولة السورية بدأت تخلي مواقعها خوفا من الضربة، وهروب بعض القيادات البارزة بالدولة إلى اللاذقية، وهذه الإشاعات نسفت عن بكرة أبيها بهذه الزيارة التي ليس لها وصف غير أنها جريئة بكل المقاييس وأعطت مصداقية كبيرة لدمشق وقيادتها لدى الشارع السوري. وهذه الزيارة هي تحد واضح لواشنطن حيث أكد الرئيس الأسد خلالها بأنه مستمر في العملية العسكرية في كل الأراضي السورية، وذلك بالرغم من الفيتو الأميركي على عدة مناطق.
تصريحات الرئيس الأسد في الغوطة أكدت أنها تابع بالتفاصيل الدقيقة عملية تحرير المنطقة، وخصوصا تصريحاته وهو في طريقه إليها، حيث أنه في كل منطقة كان يمر عليها كان يذكر عملية تحريرها، وهو ما يؤكد مرة أخرى أنه على رأس غرفة العمليات العسكرية التي تجري على اتساع الأراضي السورية. إضافة إلى أنه أظهر اهتمام دقيق بإفرازات الحرب وضررها على المجتمع، وذلك في حديثه عن إعادة بناء المجتمع على أسس صحيحة وسليمة وخصوصا الأطفال الذين عاشوا مأساة حقيقية لدى وجودهم في مناطق سيطرة الجماعات المسلحة، وانقطاعهم عن التعليم وزرع الأفكار المتطرفة فيهم. وكان الرئيس الأسد بزيارته إلى الغوطة الشرقية يخطط لمعركة أخرى وهي فك الحصار عن بلدتي كفريا والفوعة، وذلك بحسب ما أكدته مصادر عسكرية كانت متواجدة في الغوطة.
ظهور الرئيس الأسد بالزي المدني على الخط الأول للمواجهة ليس بجديد واعتاد عليه الشعب السوري طوال فترة الحرب، ولطالما تساءل السوريون عن سبب عدم ارتداء الرئيس للزي العسكري بالرغم من أن البلاد تخوض مرحلة حرب، بينما في المقابل يرتدي زعماء أخرون الزي العسكري في عمليات عسكرية أقل من التي تجري في سوريا. وكان الجواب هنا من مصادر مطلعة، بأن الرئيس الأسد لن يرتدي الزي العسكري إلا في حالة الحرب مع “إسرائيل”.
قيادة الرئيس الأسد لسيارته وسط العاصمة، كان له صدى كبير لدى الشعب السوري وأعطى الطمأنينة لشريحة كبيرة منهم، بأن الحرب بدأت بالانتهاء، إضافة إلى أنها رسالة لجميع المسؤولين بعدم المبالغة بالمظاهرة المسلحة والمرافقة وإغلاق الشوارع بدون أي سبب. ولن يتقبل الشعب السوري بعد الآن أي مظهر مسلح من قبل المسؤولين بطريقة مبالغة فيها، خصوصا وأن قائد بدلهم ظهر بطريقة متواضعة جدا مثله مثل أي مواطن سوري دون تمييز.
السوريون اعتادوا على خطوات جريئة من الرئيس الأسد منذ اليوم الأول لحكمه، وربما تكون حلب هي وجهته المقبلة وذلك لما تحمله المدينة من رمزية مهمة وثقل سياسي واستراتيجي واقتصادي للدولة السورية، وزيارته ستحمل رسائل عدة، أهمها المواجهة مع تركيا التي تحتل عدة مناطق سورية.
صحيفة رأي اليوم
أضيف بتاريخ :2018/03/21