تغييرات طاقم إدارة ترامب.. لماذا الآن وما النتائج المنتظرة!؟
هشام الهبيشان
لم يكن هذا الحدث مفاجئاً للبعض ، فـ رحيل هربرت ماكماستر من مجلس الأمن القومي داخل البيت الأبيض، وتعيين جون بولتون مكانه ،وتعيين مايكل بومبيو مكان ريكس تيلرسون في منصب وزير الخارجية ،فـ بهذا تكون اكتملت حلقة إدارة ترامب ، ” إدارة الحرب والابتزاز والاستفزاز ” فهذه هي الإدارة التي يريدها ترامب، إدارة تتناسب مع أفكاره المتطرفة ورؤيته لمجمل ملفات الأزمات العالمية العالقة .
فـ هذه التغييرات في طاقم وإدارة ترامب ،تؤكد أن هناك شيء ما يطبخ خلف الكواليس ،ولايريد ترامب أي معارضه له ، ومن المعروف للمتابع للشأن الأمريكي ،حجم التناقض الذي كان سائداً بالآراء بين ترامب وبعض من هو وجود في إدارته وخصوصاً مع تيلرسون حول معظم الأزمات والملفات العالمية العالقة، وهنا لايمكن إنكار حقيقة أن ترامب ومن وراء هذه التغييرات يهدف إلى العودة من الجديد إلى ممارسة سياسة ” التلويح بالحرب وممارسة سياسة الابتزاز والمساومة والاستفزاز ” لكل الأطراف الدولية المناهضة للسياسة الأمريكية وحتى مع بعض حلفاء أمريكا، دون سماع أي صوت معارض لهذه السياسة من داخل إدارته .
وهنا ، لايمكن إنكار حقيقة هامة مفادها أن ترامب عندما اتخذ قرار تعيين جون بولتون ومايكل بومبيو ، كان يدرك جيداً أن الأثنان يحملان أجندة تلتقي مع مضامين خطابه العنصري، ومع التقاء هذه الأجندة تتزايد المخاوف من أن تساهم هذه الأجندة بصناعة خطاب عنصري أمريكي يفيض بمشاعر الكراهية والعداء ليس للمسلمين والإسلام فحسب بل لجميع الأجانب والمهاجرين واللاجئين في أمريكا ” هذا بما يخص الشأن الداخلي الأمريكي “،وبما يخص الأجندة الخارجية فالأجندة التي يحملها جون بولتون و مايكل بومبيو بما يخص ملفات وأزمات العالم وخصوصاً ملفات المنطقة العربية وفلسطين والإقليم المحيط وخصوصاً الملف النووي الإيراني ،في حال تنفيذها من المؤكد أنها ستعصف بالمنطقة بمجموعها لا بل بالعالم اجمع ، فهذه الأجندة يعرف عنها أنها أجندة كارثية تدميرية ،تهدد قيم التسامح الديني والتعايش السلمي وقبول الاختلاف والتعدد الثقافي، فهي تدعوا صراحة إلى إشعال صراع الحضارات، وهذا الموضوع وهذا الخطاب بحد ذاته يشكل خطراً على العالم كل العالم .
ولكنا هنا بالتحديد ،يجب التنويه أن هذا الخطاب العنصري المتطرف الذي تتبناه إدارة ترامب ” الجديدة – بعد جملة التغييرات الأخيرة ” الذي يلوح بالخيار العسكري لكل أزمة عالمية ،والذي يساوم الفلسطينيين اليوم على أرضهم وكرامتهم ” بمبدأ التجويع أو قبول سياسة الأمر الواقع ” ، ويفاوض الإيرانيين ” بالحرب “، ويهدد الكوريين الشماليين ” بمسحهم من الوجود ” ، والذي يهدد سورية ويحتل جزء من أرضها ويحتل العراق ،ويهدد لبنان واليمن ويخوض حرباً بأشكال مختلفة مع روسيا والصين، والذي بحجة محاربة الإرهاب مازال يحتل أفغانستان ، ويجيز لنفسه تنفيذ ضربات عسكرية جوية في بعض البلدان الأفريقية والعربية ،بحجة محاربة الإرهاب “مع أن هذه الضربات تسببت بسقوط ضحايا كثر ،لاعلاقة لهم ولاصلة بهذا الإرهاب الذي تدعيه أمريكا ، ووو.. ألخ ، فهذا الخطاب الذي يصفه البعض بأنه سيف ذو حدين ، وقد يكون ” نقول قد ولانجزم ” هو نهاية هذه الإدارة سياسياً ،فاحتمالات إسقاطها عبر القضاء الأمريكي مازالت قائمة لوجود شبهات فساد عدة تدور حول من فيها وخصوصاً ترامب ” بسبب استغلاله منصبه لصالح شركاته ، ولا ننسى الشبهات والفضائح التي تدور حول فضائحه الجنسية ” وهنا علينا أن لاننسى ولا ننكر كذلك أن هذا الخطاب المتطرف لإدارة ترامب، يلقى معارضه كبيره من قوى سياسية وشعبية لها وزنها السياسي والشعبي والمجتمعي في الداخل الأمريكي ،وهذه المعارضة لخطاب إدارة ترامب على مستوى الداخل الأمريكي، تلتقي معها أنظمة أوروبية وقوى سياسية أوروبية عدة رافضة لهذا الخطاب “المتطرف “ولأجندته المتطرفة .
ختاماً ، يبدو واضحاً أن ترامب ومن وراء تغييراته الأخيرة في طاقم أدارته المتطرف يسعى لتعظيم تمدده وقوته السياسية داخل إدارته ،ويرى في ذلك مصلحة كبرى من أجل توحيد آراء طاقم أدارته خلف أي قرار متطرف سيذهب ترامب لتنفيذه بأي ملف أو أزمة عالمية أو دولية أو حتى إقليمية ،ومع ذلك يبدو واضحاً أن أي قرار متهور سيذهب له ترامب بما يخص ملفات وأزمات العالم العالقة للآن ، لن يلقى له نسبة دعم كبيرة في الداخل الأمريكي سياسياً وشعبياً ،والواضح أكثر في هذه المرحلة، أن خطاب ترامب العنصري والمتطرف بات يلقى معارضة كبيرة أيضاً من قوى مجتمعية وسياسية أوروبية ، وهو ما يؤشر إلى بداية انحدار وتهاوي سياسي وشعبي خارجي وداخلي لترامب وإدارته المتطرفة والعنصرية .
صحيفة رأي اليوم
أضيف بتاريخ :2018/04/03