هذا هو حالنا كعرب.. لقد وصلنا للحضيض
إبراهيم محمد الهنقاري
قال أبو الطيب المتنبي في إحدى روائعه :
من يهن يسهل الهوان عليه …. ما لجرح بميت إيلام. !!
ويشهد الله إننا هنا على أنفسنا في مواطن كثيرة يستحي التاريخ أن يعيدها على مسامعنا.
قصة الهوان العربي قصة طويلة ومؤلمة. ولعل أشدها إيلاما نكبة فلسطين وتوابعها من النكبات. ولعل آخرها هذا العدوان الثلاثي ليلة أمس الأول على سوريا. وقد لا يكون ذلك العدوان هو أخر حلقة في مسلسل الهوان العربي الذي كتب على أجيال منا أن تشاهده في حسرة وألم. والمؤلم حقا عند الحديث عن الهوان العربي أن هذا الهوان هو من صنع أيدينا .
ولأن الحديث يطول عن هذا الهوان فإننا سنكتفي بأمثلة قليلة منه شهدتها الأجيال العربية الحالية من الذين قضوا نحبهم ومن الذين ينتظرون. !
لعل أسوأ مثال على هذا الهوان العربي هو غزو العراق وتدميره عام 2003 بذريعة كذبة بلقاء أسموها “أسلحة الدمار الشامل” التي زعموا أن العراق كان يمتلكها. ذلك الغزو الظالم الذي شاركت في عملياته وفِي تمويله دول عربية كبرى وصغرى مما يجعل الهوان العربي في العراق أشد وأقسى. !!
في الخامس من فبراير (شباط) من ذلك العام جلس الجنرال كولن بأول رئيس أركان الجيوش الأمريكية السابق ووزير الخارجية الأمريكية في ذلك التاريخ في عهد الإدارة الأمريكية الجمهورية بقيادة ال بوش، جلس في مقعد المندوبة الأمريكية في مجلس الأمن يلقي على مسامع أعضاء المجلس وعلى مسامع العالم بأسره بسلسلة طويلة من الأكاذيب التي فبركتها وكالة المخابرات الأمريكية وجييء بها إلى قاعة مجلس الأمن لكي يثبت الأمريكان للجميع بالكذب المبرمج امتلاك العراق وتخزينه لأسلحة الدمار الشامل. !! وعرض على العالم أشرطة فيديو مفبركة تم تصويرها وإعدادها من قبل المخابرات الأمريكية في مناطق داخل الولايات المتحدة أو خارجها تشبه في تضاريسها بعض المواقع العراقية تبين نقل تلك الأسلحة المزعومة بالشاحنات من مكان إلى أخر.
وفِي 9 سبتمبر 2005 نشرت صحيفة لونوفيل اوبسيرفاتير الفرنسية اعتراف الجنرال والوزير الكذاب بان كل ما قاله كان كذبا وانه نادم على ذلك. !! ولعل ذلك التصريح وذلك الندم يخفف بعض الإثم الذي اكتسبه الجنرال بأول باعتبار أن الاعتراف بالحق فضيلة كما يقال ولكنه لا يعفي دولة كبرى كالولايات المتحدة من تلك الآثام التي ارتكبتها في مجلس الأمن وفي العراق وفِي أجزاء كثيرة أخرى من العالم.
ولعل من المفارقات العجيبة أن حكومة الولايات المتحدة كانت هي السباقة في استخدام أسلحة الدمار الشامل حينما ألقت القنابل الذرية على هيروشيما ونجازاكي نهاية الحرب الكونية الثانية وتسببت بذلك في موت الآلاف من البشر بالإضافة إلى جرائم مماثلة في أفغانستان وخلال حرب فيتنام وخلال الحرب الكورية من قبل . وليس آخراً خلال حرب احتلال العراق وخلال الغزو الثلاثي الأخير على سوريا. وإذا كانت صواريخ كروز والقاذفات النفاثة والغواصات النووية ليست من أسلحة الدمار الشامل فماهي تلك الأسلحة. !؟كما أن الولايات المتحدة هي التي ربما تملك اكبر ترسانة في العالم من أسلحة الدمار الشامل بجميع أنواعها. ومع كل ذلك فإنها هي التي ترفع شعار القضاء على أسلحة الدمار الشامل وتنسى أنها هي التي تملك المخزون الأكبر من هذا السلاح الفتاك وأنها هي أول وأكثر دول العالم استعمالا له. كما تنسى ما تملكه إسرائيل من هذا السلاح وما تفعله بالأبرياء من أبناء الشعب الفلسطيني الذين تقتلهم إسرائيل كل يوم بالسلاح الأمريكي.
ومن علامات الهوان العربي الأخرى وأشدها إيلاما أننا أصبحنا نشارك أعداءنا في قتل إخواننا العرب ونمول حروب أعدائنا علينا ونؤيد سياساتهم العدوانية والظالمة ضد أشقائنا العرب.
حدث ذلك في جريمة غزو العراق وفِي جريمة العدوان الثلاثي الأخير على سوريا. وحتى ما سمي بالقمة العربية الأخيرة فإنها لم تملك من الشجاعة ما يكفي حتى لإدانة ذلك العدوان.
لماذا نحن هكذا. !؟ لماذا نخرب بيوتنا بأيدينا وأيدي الأعداء .!؟
حسبنا الله ونعم الوكيل.
حسبنا الله ونعم الوكيل.
كاتب ليبي
صحيفة رأي اليوم
أضيف بتاريخ :2018/04/23