عبث وزارة النقل بالباحة صارخ ومؤذ: طويلة عدن أو بيروت؟!
قينان الغامدي
هذه هي المرة الثانية التي أكتب فيها عن (العبث، والتخطيط السقيم) في منطقة الباحة، وهو سوء تخطيط واضح جدا حتى للعميان، لكن لم يلتفت له أحد، لا هيئة مكافحة الفساد ولا وزارة المالية، ولا حتى وزارة النقل المعنية بهذا ...!!!.
الريف السعودي رائع في جهات المملكة الأربع وفي وسطها، وقد شمله التطوير والتحديث ومعظم الخدمات، لكن معظم سكانه هاجروا إلى المدن، وبعضهم بنى تحفا معمارية (فلل وعمائر) لكنه للتصييف والنزهة فقط، وكان سبب الهجرة سابقا التعليم الجامعي، أما بعد ثورة الملك عبدالله - رحمه الله - التنموية، التي تضمنت إنشاء جامعة أو أكثر في كل منطقة، فقد أصبح سبب الهجرة عمليا استثماريا، فرجال الأعمال والاستثمار لا يجدون في هذه الأرياف ما يغريهم، وبالتالي فمن المفروض أن الدولة توفر هذه الإغراءات.. فكيف توفرها؟
بناء منتجعات طبية، وأخرى سياحية، وثالثة ترفيهية، ورابعة مدن صناعية حسب ما يناسب كل ريف؛ لكن كيف للحكومة أن توفر هذه الأمور وهي تنفق على الفساد والعبث بدون حساب؟!
والآن أعود إلى بداية المقال فأقول إن أبرز نموذج للخلل والعبث متجسد ومستمر في منطقة الباحة، فهناك تعمل وزارة النقل على تنفيذ مشروعين ضخمين جدا تصل تكلفتهما إلى عشرة مليارات، وهما مشروعان لا داعي ولا حاجة لهما مطلقا خلال قرن قادم، ولا أدري ما هذا العبث الذي يحدث عيني عينك!!
المشروع الأول: الطريق الدائري، وهو موجود منذ سنين طويلة وعرضه لا يقل عن عشرين مترا، وهو يشق جبالا وأودية، وقد أصبح متنزها للناس ومطلا جميلا على القرى، لكنّ عبقريا - ما - وعباقرة العبث كثر، قرر توسعة هذا الطريق الدائري إلى مائة متر عرضا، وهذا يعني نحت الجبال ودفن الأودية والقرى، وما الداعي له أصلا، لكن هذا العبقري!! نجح في إقناع وزارة النقل ووزارة المالية، واعتمد المشروع، وهو تحت التنفيذ الآن بسبعة مليارات أو حولها، فأي عبث أعظم من هذا؟! فيه أعظم، الأعظم هو المشروع الثاني: هناك تقاطع بين طريقي الطائف - الباحة، (القديم، والسياحي، هذا التقاطع في شدة الزحام ستجد فيه خمسا وثلاثين سيارة أو حولها عند إشارة المرور، لكن العبقري نفسه، رأى أن هذا التقاطع يتطلب جسرا متقاطعا، ولم يكفه الجسر بل رأى إزالة المباني من الجانبين من قرية الأثمة إلى قرية رغدان، يعني حوالى أربعة كيلومترات، وهذا يتطلب تعويضات مليارية، ولهذا وصلت تكاليف المشروع إلى أكثر من ثلاثة مليارات، والمشروع كله أساسا لا داعي ولا ضرورة له مطلقا، لا الآن ولا لقرن كامل قادم!!!.
حسنا، المشروعان اللذان تحت التنفيذ الآن تصل تكلفتهما إلى أكثر من عشرة مليارات ريال، وهذه المليارات العشرة لو وضعوها بيد جدتي (منيرة) التي لا أعرفها، رحمها الله، لجعلت من منطقة الباحة جنيف الأولى، والآن الأمير مشاري بن سعود أمير المنطقة لديه رؤيا وأفكار عظيمة جدا، لكن طالما الوزراء ومندوبوهم وممثلوهم يتحكمون في واقع ومستقبل المنطقة، ويقرون وينفذون ما يريدون بما في ذلك العبث الكارثي، فليس أمام الأمير مشاري وغيره من أمراء المناطق سوى الفرجة، وتحمل لوم سكان مناطقهم لهم، فهؤلاء السكان يظنون أن أمير المنطقة - سيما وهو من أحفاد عبدالعزيز - يستطيع فعل المستحيلات، وهم لا يدرون أن الوزراء الذين في الرياض أغلب الوقت، هم الذين يقررون حاجاتهم، ومعظم هؤلاء الوزراء لا يعرف أن في المملكة قرية اسمها (الطويلة) مثلا، ولو سألته لقال: تقصد شارع الطويلة في عدن، أو سوق الطويلة في بيروت أو غيرهما؟!
الوطن أون لاين
أضيف بتاريخ :2016/01/25