وهل ستطورها الخصخصة ؟
محمد أحمد الحساني
كثر الحديث في السنوات الأخيرة عن «خصخصة» بعض قطاعات الخدمات، ومنها «القطاع الصحي الحكومي»، وعلى الرغم من أن نظام الخصخصة هو نظام معمول به في معظم دول العالم المتقدم والنامي، إلا أنه يوجد تخوف اجتماعي من تحول المستشفيات الحكومية، وهي بوضعها الحالي، للعمل تحت هذا النظام، وهو وضع تعترف وزارة الصحة نفسها بأنه يحتاج إلى المزيد من العناية والتطوير، لاسيما بعد أن أصبحت مستشفياتها تواجه ضغطاً هائلاً وضعفاً في الإمكانات ونقصاً في عدد السرر وانخفاضاً في مستوى الكوادر الصحية بصفة عامة.. بل إن المجتمع الذي عايش تجربة المستشفيات التجارية أو الخاصة التي تحظى بدعم مالي ومعنوي متواصل من وزارة الصحة، وهي تمثل نوعاً من الخصخصة لم يرق معظمها حتى الآن إلى الطموحات ولم يزل نشاطها حافلاً بالأخطاء والاجتهادات، على الرغم مما تتقاضاه من رسوم علاجية وتنويمية عالية لا يطبقها 90% من المرضى وأسرهم، ولكن القادرين نسبياً على تحمل تلك الرسوم يلجأون إلى القطاع الصحي الخاص هرباً من الزحام والمواعيد المتباعدة، مع علمهم أن سردان هو الشقيق الأصغر لبردان !
ولذلك فإن تطبيق الخصخصة على القطاع الصحي الحكومي دون تهيئة المستشفيات العامة يعني أن العلاج الذي كان يقدم مجاناً سوف يصبح بمقابل عن طريق بطاقات تأمين صحي يدفعها المريض لشركات (التأمين)، فيصبح الأمر عندها حشفاً وسوء كيلة.
إن المؤمل هو ألا تصبح الخصخصة هدفاً في حد ذاتها، بل وسيلة للرقي بالخدمات الصحية في بلادنا الغالية، بحيث تغني المراكز الصحية الخاضعة للخصخصة المرضى عن التماس العلاج خارج الحدود وتشجع مواطنين من دول مجاورة على طلب العلاج بمقابل في مراكزنا الصحية المتطورة، ولا بأس أن تكون الخصخصة «تدريجية»، وأن تبدأ في كل مدينة أو محافظة بإعادة تأهيل مستشفى حكومي تأهيلاً جوهرياً من حيث الكوادر الطبية المستقدمة من أراضي دول العالم تقدماً في المجال الطبي، وكذا الخدمات الطبية المساعدة والأجهزة وغيرها من الإمكانات التي تجعل المركز الطبي جديراً بتقديم خدمات علاجية راقية لا تقل عن مثيلاتها في دول العالم المتقدم، ولا بأس أن تكون خطة الخصخصة «عشرينية» أو حتى ثلاثينية، وأن تحظى في بدايتها بدعم سخي من الدولة في بداية الأمر حتى تستوي تلك المراكز على سوقها، أما تطبيق نظام الخصخصة على علاته فليس فيه مصلحة عامة أو خاصة.. وبالله التوفيق.
صحيفة عكاظ.
أضيف بتاريخ :2018/05/09