الوحدة اليمنية.. تحققت لتبقى
م. هشام شرف عبدالله
مرت الوحدة اليمنية المباركة قبل تحقيقها في الثاني والعشرين من مايو 1990م بمخاضات عسيرة ومؤتمرات وندوات ومفاوضات وتفاهمات بين قيادتي الشطرين الجنوبي والشمالي آنذاك وعلى مدى عقود، وفي نفس الوقت تعرضت لمؤامرات داخلية وخارجية للحيلولة دون قيامها، فالتشطير كان عبارة عن بؤرة تغذي الصراعات والحروب الداخلية وكان الأعداء يشعلون فتيلها بين الفينة والأخرى في محاولات مبرمجة يائسة لتأجيج الصراع بين شطري الوطن حينها لمنع إعادة الّلحمة اليمنية وتحقيق الحلم الكبير الذي طال انتظاره من قبل أبناء اليمن قاطبة..
بالفعل إن يوم الثاني والعشرون من مايو 1990م يُعد علامة فارقة في التاريخ اليمني ونقطة مضيئة في سماء الأمة العربية المظلم، كون هذا اليوم الأغر وبكل تأكيد يعتبر الميلاد الحقيقي لشعبنا اليمني العظيم ونقطة الانطلاق والتحول ومصدر القوة والإلهام لاستعادة الأمجاد والإرث الحضاري التليد والبناء عليه برغم مؤامرات الأعداء والحاقدين، كما أن تحقيق الوحدة اليمنية ساهم في قطع الطريق أمام الأعداء المتربصين في الداخل والخارج الذين كانوا ولا زالوا يستغلون التشطير والفرقة لإذكاء وإشعال الفتن والصراعات بين أبناء الشعب اليمني الواحد منذ الأزل.
نعم بفضل الله سبحانه وتعالى وبفضل الشرفاء والمخلصين من أبناء هذا الوطن استطاعت القيادة السياسية الشجاعة في 22 مايو 1990م أن تلم الشمل وتعيد المياه إلى مجاريها الطبيعية وتفوت الفرصة على أعداء النجاح في الداخل والخارج ، وفعلاً عادت الروح إلى الجسد في الثاني والعشرون من مايو 1990م، لكن المؤامرات ظلت تُحاك ضد هذا الصرح والمنجز العملاق الذي تعرض لهزات عنيفة كأزمة ومؤامرة صيف 1994م التي كادت أت تعصف به لولا عناية الله سبحانه وتعالى وصمود الشرفاء من أبناء اليمن المخلصين لمنجزاته، فصمدت الوحدة أمام كل ذلك وستظل صامدة في وجه المؤامرات والأعاصير المصطنعة وعواصف الدفع المسبق لإيذاء وتدمير اليمن!!
ففي الوقت الذي تحققت فيه الوحدة اليمنية المباركة كنواة للوحدة العربية الشاملة كان ينبغي على أبناء الأمة العربية الدفاع عنها والحفاظ عليها باعتبارها البذرة الطبيعية والصالحة لتحقيق الوحدة العربية والعز والمجد العربي ومكسب للجميع، في هذا الوقت وفي غمرة الاحتفالات والأفراح بالوحدة اليمنية نرى الأشقاء والجيران يتآمرون عليها ويحيكون الدسائس ويصرفون المليارات لتمزيق اليمن منبع العروبة ومهبط الحضارات وموطنها الأول، فهل يدرك الأشقاء والجيران خطورة ما يقومون به ضد الوحدة اليمنية بوابة الخليج الجنوبية والشرقية، وأن أمنها واستقرارها وقوتها هو أمن واستقرار الخليج خصوصاً والوطن العربي عموماً؟!
وفيما يخص البعض من إخواننا في المحافظات الجنوبية والشرقية الذين انخدعوا وغُرر بهم من قبل بعض الدول التي دعمت وتدعم الانفصال والتشطير منذ سنوات وتحت أكثر من مسمى وهدف، لهؤلاء نقول لهم ألم تتضح لديكم الرؤية حتى الآن وينكشف القناع والوجه الحقيقي لهذه الدويلات وأطماعها الاستعمارية في يمننا الحبيب، وكيف أصبحت المحافظات الجنوبية والشرقية تحت الوصاية والاحتلال وليس التحرير ودعم الشرعية واستعادة دولة الجنوب العربي وما شابه ذلك من شعار ات ظاهرها الرحمة وباطنها العذاب والأطماع والتمزيق والتدمير لكل شيء جميل في اليمن، ألم يكن بمقدورنا منع كل هذا من خلال الإصطفاف الوطني والمحافظة على الوحدة المباركة كمنجز عملاق وفريد وعدم تحميله أخطاء أشخاص بعينهم أو أنظمة وحل مشاكلنا عبر الحوار وليس الصراع والانقسام الذي يخدم الأعداء والمتربصين ويوفر لهم أرضية خصبة لتحقيق أهدافهم ومطامعهم الخبيثة، وهل يدرك الذين يتآمرون على الوحدة اليمنية أنهم سيدفعون الثمن وسيأتي الدور عليهم في القريب العاجل؟
وهنا ونحن نحتفل بالعيد الثامن والعشرين لتحقيق الوحدة المباركة، نؤكد للجميع أصدقاء وأعداء بأن الوحدة اليمنية ورغم ما تعرضت وتتعرض له على مدى ثلاثة عقود بأنها باقية وأنها تحققت لتبقى بحماية الملايين من أبناء الشعب اليمني الذين يرفضون الوصاية ويقاومون العدوان والاحتلال الخارجي الذي يستهدف كل المنجزات والمكاسب اليمنية وفي مقدمتها الوحدة اليمنية المباركة.
صحيفة رأي اليوم
أضيف بتاريخ :2018/05/23