سوف لن يتحول الجنوب السوري إلى منطقة عازلة تحمي إسرائيل
د. محجوب احمد قاهري
هددت واشنطن النظام السوري برد صارم، أن هو تدخل عسكريا في درعا.
صحيح أن درعا تعيش وضعا جيوسياسيا خاصا، إذ قامت قوى الاستكبار العالمي بإخضاعها إلى ما يسمّى مناطق خفض التوتر، زيادة على أنها تقع على مدى بصر من الأردن والكيان الصهيوني. وكلا الطرفين يريد تأمينا لحدوده، وكل من أطراف هو يحددها.
وأكبر ما يوجع ويرعبهم الصهاينة هو أن تتواجد أنياب المقاومة على مقربة من حدود دولتهم، وخاصة إيران وحزب الله. وكلما توجعت وارتعبت الدولة العبرية عرّت واشنطن على سواعدها، وأسرفت في إلقاء التهديدات، والوعيد بالردود “الصارمة”. ولا نعرف إلى حدّ الآن، ماذا تقصد واشنطن بالردّ الصارم، فهل ستستعمل مثلا السلاح النووي، وهي قد استعملت، في سوريا، جميع أنواع الأسلحة، ولكنها فشلت عن تحييد المقاومة عن أهدافها.
النظام السوري لم يخشى تهديد واشنطن، ألقى المناشير على درعا الجنوبية، وجمّع الحشود العسكرية على حدودها في انتظار ساعة الصفر. ولا شكّ بأنّ عدم خوف النظام السوري يعود بالأساس إلى دعم حلفاءه له. واهم حليفين حقيقيين هما إيران وحزب الله. وأما روسيا فبرغم الدعم الذي تقدمه إلا أن لها مآرب أخرى مع الكيان الصهيوني، وهي التي أجلت أو تخلت عن مدّ سوريا بصواريخ 300 س، بعدما وعدت بها، استجابة لرغبة نتانياهو.
موقف النظام السوري أمام تهديد واشنطن، هو الضمانة بان لا تتحوّل درعا السورية إلى منطقة عازلة تحمي إسرائيل كما يريدون لها أن تكون.
وتهديد واشنطن مليء بالخوف. والخائف يعد دائما بأقصى التهديدات، خاصة التي لا يستطيع تنفيذها. ولكن لماذا تخاف واشنطن وإسرائيل قد أعلنت بأنها دمرت كل قواعد التواجد الإيرانية بسوريا! هذا الخوف يعني، حتما، بان إيران وحلفاؤها لازالوا يملكون الأرض، ويزحفون إلى حدود الكيان الصهيوني.
حدود الكيان الصهيوني لا يجب أن تبقى هادئة وآمنة، كما لا يجب الاستسلام للتهديدات المحمّلة بالردود الصادمة. فواشنطن هدّدت جميع دول العالم وفشلت، فشلت خاصة في العراق وأفغانستان. والكيان الصهيوني هدّد أغلب الدول العربية وفشل، فشل خاصة في جنوب لبنان وفي غزة. فالانتصار لمن يملك الإيمان والأرض، وليس لمن يملك المال والسماء.
معركة درعا المنتظرة أصبحت معركة مفصلية بمقاييس عدة، أهمها توزان الرعب مع الكيان الصهيوني ووحدة الأراضي السورية. خسرها النظام وحلفاؤه أم لم يخسروها فليس ذلك بشديد الأهمية، لأنه ليست هناك خسارة دائمة. المهم خوضها، وأقسى ما يمكن أن تفعله واشنطن هو شن هجومات صاروخية على بعض القواعد أو الارتال العسكرية في درعا. طبعا، الصواريخ الممولة سعوديا وإماراتيا.
ستعمل واشنطن وتل أبيب كل ما بوسعهما لإثناء النظام السوري وحلفاؤه على خوض هذه المعركة من أجل ضمان أمن إسرائيل، خاصة وأن المقاتلين الموجودين حاليا بدرعا لا يمثلون أي تهديد لإسرائيل. وربما تتدخل واشنطن لمغازلة إيران حول الاتفاق النووي الذي انسحبت منه.
صحيفة رأي اليوم
أضيف بتاريخ :2018/05/29