فرنسا.. ترمومتر العلاقات الغربية مع دمشق.. ماكرون يغازل الأسد ويمهد لاستئناف العلاقات
إبراهيم شير
قرار مفاجئ خرج به الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون بتعيين السفير الحالي في إيران فرنسوا سينيمو، ممثلا شخصيا له في سوريا. وهو ما يمثل تحولا جذريا في النظرة الغربية لسوريا والقيادة في دمشق، ولطالما خرج ماكرون بتصريحات متزنة تجاه الرئيس السوري بشار الأسد، وحتى بعد العدوان الثلاثي على دمشق خرج ماكرون بعدها بأيام ليؤكد أن باريس لم تعلن الحرب على الرئيس الأسد وأنها ترغب في التوصل إلى حل سياسي شامل مع جميع الجهات الفاعلة، ولم يستثن أحدا على عكس نظرائه الغربيين.
لنقف قليلا مع الدبلوماسي الفرنسي المخضرم فرنسوا سينيمو، فهو على علم بأدق التفاصيل في الشرق الأوسط وخصوصا في سوريا، لأنه ترأس فترة مهمة للاستخبارات الخارجية، وهذا الجهاز كان عمله مركزا بشكل واضح على منطقتنا وكان له علاقات وثيقة مع الأجهزة الأمنية السورية، ويتمتع بعلاقات جيدة مع شخصيات مهمة في دمشق، ما يؤهله للعب دور ايجابي في عودة الثقة بين فرنسا وسوريا وربما في وقت لاحق تعود العلاقات الدبلوماسية التي لم تقطع ولكن باريس أغلقت سفارتها في دمشق في عام ألفين واثني عشر لكنها لم تعلن رسميا قطع العلاقات مع سوريا. سينيمو هو حتى الآن سفير باريس في أقرب حليف لدمشق وهو إيران، وهو ما يجعله حلقة وصل مهمة بين العواصم الثلاث.
القرار الفرنسي المفاجئ كان قد حضر له منذ أول حدث إرهابي وقع في فرنسا قبل نحو 4 أعوام، حيث تسعى باريس لإحباط الهجمات الإرهابية بالتعاون المخابراتي مع سوريا، إلا أن دمشق رفضت أي تعاون بهذا المجال دون عودة العلاقات الدبلوماسية، وهو ما دفع فرنسا في مرحلة ما إلى التعويل على “قوات سوريا الديمقراطية” المدعومة أميركيا للحصول على معلومات استخباراتية تفيد باريس، لكن محاولتهم فشلت.
هذا القرار جاء بعد نحو شهر واحد فقط من “ضياع” ضباط فرنسيين في مدينة القامشلي بمحافظة الحسكة شرقي سوريا، والقصة في الإعلام كانت أن مجموعة من الضباط الفرنسيين قد ضلوا طريقهم في مدينة القامشلي ووجدوا نفسهم أمام حاجز للجيش السوري، وهذا الحديث كان في الإعلام فقط، لأنه كيف لمجموعة من الضباط مزودين بأحدث أجهزة الخرائط إضافة لوجود أشخاص سوريين معهم أن يضلوا طريقهم ويجدوا نفسهم في مطار القامشلي العسكري؟ ولماذا أفرج عنهم الجيش السوري بعد أن قبض عليهم؟ إذا وجودهم لنحو ساعتين في تلك المنطقة لم يكن لأنهم ضلوا الطريق فقط، إضافة إلى أنه يوجد بعثات برلمانية دورية تأتي لسوريا وبينها نواب فرنسيون وقابلوا الرئيس الأسد وبحثوا معه عودة العلاقات.
لن نكون متفائلين جدا ولكن تصريحات ماكرون منذ توليه الرئاسة قبل عام تؤكد نظرته الايجابية نحو دمشق وأنه لا يرى بديلا شرعيا للرئيس الأسد وان باريس لا تعتبره عدوا لها، على عكس من سبقه من الرؤوساء فرنسوا هولاند، ونيكولا ساركوزي. إلا أننا لا نستطيع أن نضع القرار الفرنسي بمعزل عن الغرب والولايات المتحدة، وربما تكون باريس هي ترمومتر العلاقات بين دمشق والغرب، وقد تكون هي اول من يكسر الجليد بالعلاقة مع الدولة السورية، خصوصا في مرحلة إعادة الإعمار في وقت تعيش فيه القارة العجوز أزمة مالية حقيقية أدت لتفكك الاتحاد الأوروبي ولو جزئيا في الوقت الحالي فقط، إضافة إلى أزمة الهجرة التي بدأت تشكل معضلة حقيقية لأوروبا.
نحن الآن استعرضنا وجهة النظر والرغبة الفرنسية بعودة العلاقات ولكن السؤال المهم هل دمشق تقبل بعودتها؟
صحيفة رأي اليوم
أضيف بتاريخ :2018/06/30