بين جنوب لبنان وجنوب سورية.. المصير واحد لعملاء إسرائيل
صلاح السقلدي
ما جــرى في جنوب لبنان عام 2000م حين تلقتْ إسرائيل صفعتها العسكرية التاريخية هناك – تحت ضربات المقاومة اللبنانية-،وسحبتْ على إثر ذلك جيشها الذي زعمت ذات يوم أنه الجيش الذي لا يقهر- يجر خلفه ذيول الهزيمة والخيبة يتبعه في الهروب صوب شمال فلسطين المحتلة عملاؤه من جنود وضباط ما كان يعرف حينها بجيش لبنان الجنوبي، حين هرعت إسرائيل بنقلهم إلى تل أبيب في مشهد مخزي للغاية لمصير وخاتمة كل العملاء لينتهي الحال بقائد هذا الجيش” أنطوان لحد” ببائع فلافل في تل أبيب وبأفراد جيشه في قارعة التنكر والازدراء الإسرائيلية، وبين ما يجري اليوم في جنوب سورية الذي تحررَ لتــوّه (أو يوشك) مِـن الجماعات الإرهابية المتطرفة المدعومة أمريكا وخليجيا ،والتي سحَقَ الجيش السوري عناصرها وتشتَتْ البقية منها بكل الجهات، هرعتْ إسرائيل للمرة الثانية لنجدة عملائها ولكن هذه المرة ليس في لبنان المحرر بل في جنوب سورية لنجدة بما عناصر ما يُــعرف بمنظمة الخوذ البيضاء “القبعات البيض”، وهي منظمة تضم عناصر استخباراتية أمريكية وإسرائيلية وبريطانية, تم تأسيسها على يد ضباط من المخابرات البريطانية بمبلغ 100 مليون دولار بحسب مصادر غربية وكندية بالذات، قبل أن تتلقف هذه المنظمة واشنطن ومن خلفها إسرائيل وتتبنى دعمها وحمايتها وتستثمر نشاطها بأروقة الأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية، وتخفيها بجلباب العمل الإنساني والدفاع المدني منذ عام 2013م وتتلقى منها أي مِــن واشنطن دعماً بملايين الدولارات في عهد الإدارة الأمريكية السابقة والحالية، كان آخرها منتصف حزيران يونيو الماضي مبلغ يربو عن 7مليون دولار حين أعلنت الخارجية أن الرئيس ترامب أمر بصرف المبلغ وهو الرئيس المعروف ببخله حتى تجاه شركائه، لتواصل تلك المنظمة عملها الاستخباري التضليلي وفبركة أفلام وخلق وقائع هوليودية,واختلاق مزاعم وهمية ما تلبث أن تنكشف إعلاميا وعلميا، وتكون -الخوذ البيضاء- عين أمريكا وإسرائيل الجاحظتين بقوة داخل سورية من خلال رفعها تقارير مزورة مستفيدة من حالة الدمار الذي تخلفه الحرب في عديد من المناطق التي كانت تتواجد فيها هذه العناصر بصورة مريبة وجاهزة بكل المعدات الفنية والتقنية والإعلامية قبل وقوع العمليات المزعومة ، لخلق ذرائع إنسانية تدفع الدول الغربية للتدخل في سوريا، ورفعها لتقارير استخباراتية إلى واشنطن وتل أبيبعن تموضع القوات السورية والرديفة لها والقوات الروسية في المناطق التي عملت بها هذه العناصر.هذا فضلا عن علاقة هذه العناصر بعناصر إرهابية على الأرض, من خلال مساعدتها لهذه العناصر مساعدة معلوماتية وطبية وبالذات جماعتَــي “داعش والنصرة”, وهذا ما تدركه وتريده منها واشنطن على منوال المساعدة الإسرائيلية لهذه الجماعات المتطرفة وما تقدمه لها من علاج داخل إسرائيل وما تمده لها من مساعدات مختلفة, وبسبب هذه العلاقة بين الجانبين : منظمة الخوذ البيضاء وجماعتي داعش والنصرة جعلت واشنطن ترتاب منها وتتوجس منها خيفة برغم ولائها المفرط لها, وقد ظهر هذا جليا ذات يوم حين رفض المتحدث باسم الخارجية الأميركية “مارك تونر” طلبا لبعض عناصر هذه المنظمة من زيارة واشنطن منهم رياض صالح وغيره.
يوم الأحد 22تموز أيلول الجاري أعلنت إسرائيل أنها تمكنتْ على وجه السرعة من نقل 800 من عناصر هذه المنظمة من الجنوب السوري إلى الأردن بطلب ودعم أمريكي وبريطاني, لتعيد إلى الأذهان ذلك المشهد الذي شاهده العالم بأسره في لبنان قبل أكثر من 18عاما،وتقطع الشك باليقين عند من ظل يشكك بالأخبار التي تؤكد ارتباط هذه العناصر” الخوذ البيضاء” بتل أبيب وواشنطن ولندن،ليتم نقلهم إلى الأردن على طريق إعادة تطوينهم بعد ثلاثة أشهر في أمريكا وبريطانيا وكندا تحت غطاء أنساني, فيما الحقيقة أنها عملية نقل لأسرار غاية بالخطورة إلى أماكن آمنة لإخفائها والتحكم بها وطمسها بالنهاية وربما استخدامها مستقبلا كأوراق ابتزاز بوجه هذه العناصر لإرغامها على تنفيذ أعمال عدائية لصالح هذه الدول, كما يستهدف هذا التوطين وضع هذه العناصر تحت السيطرة والمراقبة عن كثَــب كيلا تتسرب من خلالها أسرار وفضائح تكشف المستور أو ما تبقى من هذا المستور الذي تخفيه واشنطن وإسرائيل ومعهما بريطانيا على العالم.
صحيفة رأي اليوم
أضيف بتاريخ :2018/07/24