هل تسمح واشنطن لـ «قسد» بالعودة إلى كنف الدولة؟
حميدي العبدالله
أعلن وفد «مسد» الذي زار دمشق وأجرى حواراً مع الدولة السورية عن استعداده لتسليم مناطق سيطرة «قسد» وهي مناطق السيطرة الأميركية إلى الدولة السورية.
لكن هل تسمح الولايات المتحدة لـ «قسد» بإتمام هذا التفاهم وإعادة المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى كنف الدولة؟ وما هو مصير القوات الأميركية، هل تنسحب فوراً أم تبقى لفترة وفقاً للمخرج الذي اقترحته روسيا عليها، أيّ المساعدة على إعادة اللاجئين السوريين الذين هجّروا من هذه المنطقة إلى ديارهم؟
لا شك أنّ هذه الأسئلة تلخص المعضلة الحقيقية، لأنّ «قسد» لا تمتلك حرية اتخاذ القرار من دون الرجوع إلى الولايات المتحدة، أو بالأحرى إلى القوات الأميركية التي تحتلّ هذه المنطقة، والتي تتحكم بكلّ شيءٍ فيها.
حتى هذه اللحظة الموقف الأميركي غير واضح، بل في داخل الولايات المتحدة، وداخل إدارة ترامب صراعٌ على الخيارات بالنسبة لمصير هذه المنطقة.
بعض الإدارة الأميركية، ولا سيما الفريق الأكثر ارتباطاً مع «إسرائيل»، يدعو إلى عدم الانسحاب من سورية وتعزيز الوجود العسكري الأميركي في مناطق تواجده الحالية، بل أكثر من ذلك يدعو إلى استثمار مقدّرات هذه المنطقة بالتعاون مع تركيا ومع مكوّناتها المختلفة بما يساعد على إبقاء وجود أميركي طويل الأمد فيها لخدمة الاستراتيجية الأميركية في مواجهة روسيا وفي مواجهة إيران، ولا يقيم هذا البعض وزناً للكلفة التي يمكن أن تترتب على مثل هذا الخيار، بل يدعو الإدارة الأميركية إلى الخروج من سياسة التردّد وتوظيف القدرات العسكرية والمالية التي تفضي إلى تعزيز الاحتلال الأميركي لشمال وشرق سورية بالتعاون مع تركيا، إضافةً إلى التعاون مع الجماعات المسلحة التي تتعاون معها القوات الأميركية الآن وفي مقدّمتها وحدات الحماية الكردية.
لكن ثمّة في الإدارة الأميركية طرفٌ آخر، يرى أنّ دون ذلك تورّطٌ في نزاع أكثر خطورة مما عانته الولايات المتحدة ولا تزال تعانيه في حروبها في أفغانستان والعراق، ولهذا يدعو هذا الطرف إلى التعقل وعدم الانجرار والانزلاق إلى حرب جديدة مكلفة ستكون كلفتها أعلى بكثير من كلفة الحروب الأميركية السابقة.
لكن كلا الطرفين داخل الإدارة الأميركية وداخل النخبة الحاكمة يتفقان الآن على عدم التعجيل بالانسحاب أو حسم القرار بانتظار المرحلة التي قد تكون فيها أولوية الدولة والجيش السوري وحلفائهما استعادة المناطق التي تقع تحت سيطرة القوات الأميركية، عند ذلك يمكن حسم القرار والخيار، سواء باتجاه المواجهة أو الانسحاب.
حتى يحين موعد اتخاذ القرار من قبل الإدارة الأميركية، ستظلّ مبادرات «قسد» مثل زيارة وفد منها إلى دمشق هي أقرب إلى جسّ النبض والمناورة السياسية، ومحاولة احتواء قضايا متفجرة أكثر منه اتفاقاً نهائياً يقضي بإعادة مناطق سيطرة القوات الأميركية إلى كنف الدولة السورية.
جريدة البناء اللبنانية
هل تسمح واشنطن لـ «قسد» بالعودة إلى كنف الدولة؟
حميدي العبدالله
أعلن وفد «مسد» الذي زار دمشق وأجرى حواراً مع الدولة السورية عن استعداده لتسليم مناطق سيطرة «قسد» وهي مناطق السيطرة الأميركية إلى الدولة السورية.
لكن هل تسمح الولايات المتحدة لـ «قسد» بإتمام هذا التفاهم وإعادة المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى كنف الدولة؟ وما هو مصير القوات الأميركية، هل تنسحب فوراً أم تبقى لفترة وفقاً للمخرج الذي اقترحته روسيا عليها، أيّ المساعدة على إعادة اللاجئين السوريين الذين هجّروا من هذه المنطقة إلى ديارهم؟
لا شك أنّ هذه الأسئلة تلخص المعضلة الحقيقية، لأنّ «قسد» لا تمتلك حرية اتخاذ القرار من دون الرجوع إلى الولايات المتحدة، أو بالأحرى إلى القوات الأميركية التي تحتلّ هذه المنطقة، والتي تتحكم بكلّ شيءٍ فيها.
حتى هذه اللحظة الموقف الأميركي غير واضح، بل في داخل الولايات المتحدة، وداخل إدارة ترامب صراعٌ على الخيارات بالنسبة لمصير هذه المنطقة.
بعض الإدارة الأميركية، ولا سيما الفريق الأكثر ارتباطاً مع «إسرائيل»، يدعو إلى عدم الانسحاب من سورية وتعزيز الوجود العسكري الأميركي في مناطق تواجده الحالية، بل أكثر من ذلك يدعو إلى استثمار مقدّرات هذه المنطقة بالتعاون مع تركيا ومع مكوّناتها المختلفة بما يساعد على إبقاء وجود أميركي طويل الأمد فيها لخدمة الاستراتيجية الأميركية في مواجهة روسيا وفي مواجهة إيران، ولا يقيم هذا البعض وزناً للكلفة التي يمكن أن تترتب على مثل هذا الخيار، بل يدعو الإدارة الأميركية إلى الخروج من سياسة التردّد وتوظيف القدرات العسكرية والمالية التي تفضي إلى تعزيز الاحتلال الأميركي لشمال وشرق سورية بالتعاون مع تركيا، إضافةً إلى التعاون مع الجماعات المسلحة التي تتعاون معها القوات الأميركية الآن وفي مقدّمتها وحدات الحماية الكردية.
لكن ثمّة في الإدارة الأميركية طرفٌ آخر، يرى أنّ دون ذلك تورّطٌ في نزاع أكثر خطورة مما عانته الولايات المتحدة ولا تزال تعانيه في حروبها في أفغانستان والعراق، ولهذا يدعو هذا الطرف إلى التعقل وعدم الانجرار والانزلاق إلى حرب جديدة مكلفة ستكون كلفتها أعلى بكثير من كلفة الحروب الأميركية السابقة.
لكن كلا الطرفين داخل الإدارة الأميركية وداخل النخبة الحاكمة يتفقان الآن على عدم التعجيل بالانسحاب أو حسم القرار بانتظار المرحلة التي قد تكون فيها أولوية الدولة والجيش السوري وحلفائهما استعادة المناطق التي تقع تحت سيطرة القوات الأميركية، عند ذلك يمكن حسم القرار والخيار، سواء باتجاه المواجهة أو الانسحاب.
حتى يحين موعد اتخاذ القرار من قبل الإدارة الأميركية، ستظلّ مبادرات «قسد» مثل زيارة وفد منها إلى دمشق هي أقرب إلى جسّ النبض والمناورة السياسية، ومحاولة احتواء قضايا متفجرة أكثر منه اتفاقاً نهائياً يقضي بإعادة مناطق سيطرة القوات الأميركية إلى كنف الدولة السورية.
جريدة البناء اللبنانية
أضيف بتاريخ :2018/08/01