الذي حصل معي قبل فاتورة الكهرباء!!
طلال القشقري
أستطيع القول إنّني من المُتثقّفِين في ترشيد استخدام الكهرباء، وقد تضاعفت عندي ثقافة الترشيد بعد فاتورة كهرباء الشهر الماضي، التي هي الأعلى في حياتي، مقابل شهر واحدٍ، وكَرَبِّ منزلٍ صغير وأسرةٍ قليلة العدد!.
وأنا الآن بانتظار فاتورة الشهر الحالي التي أعلنت شركة الكهرباء أنّها ستصدرها يوم التاسع من شهر أغسطس، ومن المُؤكّد أنّني لن أنتظرها على أحرّ من الجمْر، لأنّ هذا يعني اشتياقي لها، فلا يوجد مواطن يشتاق لما يزيد أعباءه المالية رهقاً، والله يستر منها، ورفقاً بنا يا شركة الكهرباء، فالمستهلك صار مثل القوارير، يمكن كسره بسهولة بالغة، «خبطة» من الأصبع الصغير تكفي لكسره مثل الفُخّار!.
وبينما الفاتورة على الباب، تكاد تطرقه، طق، طق، طق، وتُثير الهلع مع كلّ طق، وتزيد القلب خفقاناً، انقطعت الكهرباء عن بيتي مرّتيْن في يومٍ واحد، ولمُدّة بضع ساعات في مجموعهما، ساعات ثقيلات وطويلات، وليست خفيفات وقصيرات!.
المرّة الأولى كانت بعد قدومي من المسجد وأدائي لصلاة الفجر، فإذا بالكهرباء «بَحْ» يا حبيبي، يعني ما في، كما تقول الأمّ لطفلها الرضيع عندما تفرغ قارورة حليبه وهو يريد المزيد، وبالمناسبة فإنّ أفضل ساعة عندي في برنامجي اليومي هي ساعة بعد صلاة الفجر، إذ.. إمّا أقرأ القرآن الكريم، أو أسترخي، أو أشرب الشاي بالنعناع، أو أتصفّح بريدي، أو أقرأ كتبي، أو أكتب مقالاتي، وأيّاً كان ما أعمله فلم أعمله مع انقطاع الكهرباء، روح كلّ شيء ومُحرّكه!.
والمرّة الثانية كانت في ضُحى نفس اليوم، ودرجة الحرارة ٤٤ درجة مئوية خطيرة مثل خطورة الحيّة أمّ ٤٤، وإذا بأهلي يتّصلون بي وينعون لي الكهرباء وأنا في مكتبي، وكما فسد برنامجي الفجري فسد برنامج أهلي الضُحوي!.
والعامل المُشترك بين المرّتيْن هو اتصالي بمركز طوارئ الكهرباء، ولله دَرّه، حيث يتكلّم موظّفوه مع المُتّصل بأدبٍ جمّ، وينتقون عبارات راقية ومُهذّبة، وعندما تبلّغهم بالانقطاع يخبرونك أنّ فرقة طوارئ عاجلة ومُتجوّلة تتواجد في الميدان لإصلاح العطل العام لأجل عينيك، ومعهم أتذكّر الراحلة الفذّة أمّ كلثوم التي عِشِقَت الهوى في إحدى أغنياتها لأجل عيني إنسان لا يستحقّها فما نالت إلّا عذاب الصبر الطويل والانتظار المرير!.
هذا هو الذي حصل معي قبل صدور فاتورة الكهرباء، فما الذي سيحصل بعدها؟ اللهم ادفع عنّا غلاء وانقطاعات الكهرباء!.
صحيفة المدينة
أضيف بتاريخ :2018/08/02