الصحة العامة
حسن علي العمري
ركن هام آخر من أركان النظام العام، تتجسد غاية هذا المفهوم في حماية أفراد المجتمع من الأمراض والأوبئة والتلوثات ومسبباتها على أرض الواقع باتخاذ كافة التدابير والوسائل الممكنة لوقايتهم وتحصينهم ضدها وضد كل ما يضر بصحتهم، ومكمن تلك الأهمية الكبرى لصحة الإنسان أنها الدافع والمحرك الرئيس لممارسة الحياة السليمة وتحقيق الأهداف السامية للوجود البشري سواء كانت هذه الصحة جسدية أو نفسية أو عقلية، فمن غير المتصور قيام مجتمع سليم ومنتج وأفراده يعانون من اعتلالات صحية متنوعة، وتجتاحهم الأوبئة والأمراض المعدية وغيرها، ويمتد ذات المفهوم ليشمل المحافظة على مصادر المياه المعدة للشرب ومراقبة أماكن إعداد الطعام والمحال العامة بوضع الاشتراطات الصحية اللازمة ومراقبتها وضبط أي تجاوز عليها ومعاقبة الفاعلين وفق القانون، ومنع أي تلوث بيئي ممكن بالقضاء على مصادره سواء كانت مائية أو غازية أو على الأرض بفعل الإنسان، وهو ما يوجب على السلطات المعنية في الدولة أن تكافحه حرصا على صحة كافة أفراد المجتمع.
والمحافظة على الصحة العامة ترتبط بشكل وثيق بالنظام العام، فلا يجوز الإخلال بذلك وإلا عد من المساس به، وتعد الصحة العامة لأفراد المجتمع دافعا لزيادة الإنتاج المحلي باستمرار سير دورة العجلة الاقتصادية دون توقف، ومعها يرتفع مستوى دخل الأفراد ويتحسن النمط المعيشي لهم، وهذه الغاية ظلت كثير من الدول ملتزمة وقائمة بها وتشرف على حسن تنفيذها على الدوام.
ومع زيادة التجمعات السكانية وتنامي أعداد أفرادها واختلاطهم ببعضهم في كثير من الأمكنة وسهولة تواصلهم ارتفعت عمليات انتقال العدوى للأمراض مع الزيادة المطردة لنسب التلوثات الهوائية والبيئية، نتيجة لعوادم السيارات وما تقذفه المصانع والمعامل على مدار الساعة، حتى أفرز كل ذلك انتشارا مخيفا لأمراض متنوعة مؤثرة اجتماعيا بصورة مزعجة تثير الرعب في نفوس الآخرين لتشكل في نهاية المطاف إخلالا بالنظام العام.
إلا أنه ومع مرور الوقت وفي ظل المعطيات السابق ذكرها تطورت طرق مكافحة الأمراض العامة ومكافحة أسبابها كالتخلص من النفايات ومعالجتها وطرق التخلص من المواد الغذائية منتهية الصلاحية، والمراقبة الفاعلة على أماكن الجزارة وحظائر بيع وتربية البهائم وتجفيف وطمر أماكن تجمع المياه الآسنة والقضاء على الحيوانات الضالة والحشرات الناقلة للأمراض.
ولأهمية ركن الصحة العامة تقوم الدول بالتدخل جبرا لفرض بعض التدابير كالعزل للأفراد أو الأماكن الموبوءة أو التطعيم الإجباري أو الإلزامي.
كما تفرض السلطات المعنية بالصحة العامة الاشتراطات اللازمة لدور العقار المعدة للسكن من حيث التنظيم السليم حفاظا على صحة وسلامة مستخدميها.
كما أن أماكن التجمعات العامة للمدارس والجامعات مشمولة بنطاق الصحة العامة ومكفولة بموجب النظم الدستورية لكل دولة، سعيا للرفاهية المجتمعة من خلال إشراف السلطات المعنية على تنظيم المخططات السكنية التي تنشأ في المدن لتراعي وصول الهواء والشمس لكل مبنى مع سهولة الدخول والخروج السريع والسهل للمباني والمخططات الحضرية عند الحاجة، مما ساعد هذا التنظيم على تطور مفهوم الصحة العامة بشكل مستمر وفقا لتكيفها مع مقتضيات الواقع.
تعد خدمات الرعاية الصحية الأولية المقدمة لأفراد المجتمع من الواجبات الدستورية التي تلزم الدول نفسها بها وتنظمها تحقيقا لركن الصحة العامة
توفر الغذاء الصحي الخالي من التعديلات من أساليب توفر الصحة العامة لتعلقه بها بشكل مباشر وانعكاس تأثيره السلبي على النظام العام من خلال هذا الركن
يجب على الجهات المعنية بالصحة العامة إعداد البرامج الصحية التوعوية والتثقيفية عن المخاطر الصحية والأوبئة وكيفية تجنبها ونشر ذلك بين أفراد المجتمع
من الأهداف الهامة لتحقيق مفهوم الصحة العامة توعية المجتمع بأضرار التدخين والتبغ والعادات السيئة المنتشرة كالشمة وغيرها من المؤثرات السلبية على صحة الإنسان ومظهره
صحيفة مكة
أضيف بتاريخ :2018/08/08