لغز الحرب المستدامة على الإرهاب!!
د. نبيل نايلي
“الدرس التاريخي الكبير يتلخّص في أنّ غزو العراق كان قرارًا سيئًا بشكل لا يصدّق، ولن يكون التاريخ متساهلًا إزاءنا.. يجب أن يتمّ القضاء على جميع قادة “داعش” و تفكيك تنظيمهم ووقف مصادر تمويلهم حتى تعود الأمور إلى مجاريها!” قائد المخابرات الأمريكية العسكرية السابق، الفريق مايكل فلين.
تُصوّر أحداث الحادي عشر من سبتمبر الدموية عام 2001 على أنها “أكبر هجوم مميت على الإطلاق حدث على الأراضي الأمريكية. وبشكل مهين ومخجل، بعد 17 سنة تماما، يهدّد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وزعماء الجيش في البنتاغون بشنّ حرب على سوريا للدفاع ونُصرة نفس التنظيم متحجّجين بمدنيّي إدلب وبهجوم كيمياوي يُعدّ له منذ أسابيع.
كلمة “مخزي” ربما لا تكون الكلمة الأكثر ملاءمة هنا بل “بشكل مستمرّ” هي التي تبدو كذلك. فهذا هو النهج منذ إعلان الأمريكيين حربهم المستدامة على إرهاب مخلّق!!!
تفيد الرواية الرسمية أنّ أحداث الحادي عشر المروّعة يقف وراءها 19 خاطفا عربيا منضمّين لتنظيم القاعدة. وكان ولا يزال هذا الحدث الجلل مثار جدل ولغط ونزاع شديد بين العديد من المؤلّفين المحترمين والمنظّمات التي تُحاجج بأنّ “الأدلة أظهرت أنّ وكالات الاستخبارات الأمريكية متورّطة بشكل كبير. تمّ مع ذلك توظيف وفاة حوالي 3000 مواطن أمريكي ضحية كذريعة لشنّ سلسلة من الحروب في الخارج كان جدول أعمالها الخفي هو الترويج لأهداف إمبريالية تتكشّف طبيعتها يوميا…
وأصبحت “الحرب على الإرهاب”، مذ ذاك، عبارة عن المسوّغ والمبرّر الجاهز للحكومات الأمريكية المتعاقبة وحلفائها في حلف الناتو لشن حروب في أيّ مكان في العالم “لهزيمة الإرهابيين”. كما تمّ توظيفها لدعم وتبرير سلطات المراقبة ضد المواطنين باسم مكافحة الإرهاب.
فضلا عن ذلك، يستمر وكلاء الإرهاب في العمل كمخالب للإمبريالية الأمريكية كما حصل في أفغانستان. وبدلاً من تدخّل عسكري أمريكي مباشر تمّ نشر ألوية تنظيم القاعدة للقيام بعمل واشنطن القذر. فهل يمكن اعتبار سوريا أفغانستان جديدة؟
رسميا مرة أخرى، تكرّر وزارة الدفاع الأمريكية ووسائل الإعلام الأمريكية -دون كلل- “نحن نقصف سوريا لهزيمة الإرهابيين”!!. استبدل أي عدد من الدول بـ “سوريا” ، كما هو مطلوب.
حسناً، ما السبب الذي يجعل أحد كبار العسكريين الأمريكيين مثل مايكل فلين يعترف بأن إدارة أوباما السابقة “تعمّدت زرع الألوية الإرهابية في سوريا؟ ثمّ لماذا خُصّصت مئات الملايين من الدولارات لتشكيل وتسليح وتدريب “جيش معتدل” غير موجود في سوريا فقط لتنتهي الأسلحة الأمريكية في أيدي جماعات مثل جبهة النصرة؟
ماذا عن التقارير الموثوقة التي كشفت عن “مروحيات عسكرية أمريكية تقوم بنقل قادة جبهة النصرة جواً لحمايتهم من أذى الغارات وترحيلهم إلى مناطق أخرى أكثر أماناً؟
لقد استغرق الأمر فترة طويلة للكشف عن مدى وحجم الإجرام المقترف من قبل الولايات المتحدة وحلفائها البريطانيين والفرنسيين، إلى جانب السعوديين والأتراك والإسرائيليين. وكل من يتدخّل ليوغل في الدم السوري.
نأتي اليوم إلى “بيت القصيد”. فالرئيس دونالد ترامب ومسؤولوه يحذّرون اليوم من أنهم سيوجّهون ضربات عسكرية إلى سوريا إذا استمر الجيش السوري وحلفاؤه في الهجوم على محافظة إدلب. آخر معقل للإرهابيين الذين يحتمون بمدنيّي المدينة. متى كان هؤلاء المسلّحين “معارضين معتدلين”؟ أ مسلّحو جبهة النصرة وأحرار الشام وتنظيم “الدولة الإسلامية” وغيرهم أضحوا اليوم حلفاء المعركة؟
للتذكير فإنه لا يوجد سبب منطقي آخر لمثل هذا الانتشار العسكري من قبل واشنطن في سوريا. كما أن وسائل الإعلام الغربية تحترف الزيف والكذب، مدّعية أن هجوم الجيش السوري سيؤدّي إلى “أزمة إنسانية”، بدلاً من اصداعها بحقيقة أنّ الهجوم يستهدف إلى القضاء على أحفاد التنظيم الذي تدّعي واشنطن والحلفاء أنهم يحاربونه! أم أنّ الغاية تبرّر الوسيلة؟ ما دام تسهل مغالطة الجمهور وفبركة وعيه؟؟
اليوم وبعد 17 سنة من أحداث الحادي عشر من سبتمبر، تتكشّف في سوريا فعلا العلاقة الحقيقية بين السلطات الأمريكية والإرهاب..ولايات الفوضى المتحدة!
صحيفة رأي اليوم
أضيف بتاريخ :2018/09/16