لم يبق للسعودية غير إيران لتنقذها!
د. محجوب احمد قاهري
الدولة العربية الأغنى، السعودية، عالقة ما بين سنديان اليمن ومطرقة ترامب، والسبب إيران. ونعتقد بأنه لم يبقى للسعودية غير إيران لتنقذها، وهي، بعد السقوط الأخلاقي الكبير، بقتل أطفال اليمن واستمرارها في ذلك، مهددة بالإفلاس والتفكك.
السعودية تشن حربا شعواء في اليمن وتدفع أموال شعبها بسخاء لترامب بسبب إيران. الإدارة الأمريكية أقنعت السعودية بأن إيران هي عدوها الوحيد الذي يحاصرها جنوبا في اليمن، وشمالا عن طريق العراق. وأن على السعودية الواقعة في كماشة إيران أن تحمي نفسها.
وزُيّن لسعودية محمد بن سلمان بأن حمايتها لا يكون إلا بوسيلتين، الأولى، شن حرب على جماعة صغيرة، في الجنوب، يمكن الانتصار عليها بيسر، وهي الجماعة الحوثية، والثانية، دفع الجزية لترامب، كما يفرضها، لحمايتها شمالا وشرقا.
في اليمن، غرقت السعودية في مستنقع لم تكن تتوقعه ولا تعلم كيف الخروج منه. الحرب أدركت سنتها الرابعة، وخسائر السعودية أكبر بكثير من خسائر الحوثيين، الجماعة. لم تفلح هذه الدولة الرعناء سوى في قتل أطفال المدارس ونساء حفلات الأعراس. أفلست قيادتها العسكرية فصبت جام غضبها على الأبرياء. بلغ عدد الغارات التي شنها الطيران السعودي على اليمن أكثر من 92 ألف غارة. وللعلم فان تكلفة ساعة واحدة لطائرة حربية من نوع اف 22 رابتور تبلغ 44 ألف دولار، ولطائرة أف 16 بلوك تبلغ 7000 دولار، وتخيل معي كم عدد الطائرات السعودية التي تشارك في غارة واحدة، وكم ساعة قضت هذه الطائرات ذهابا وإيابا لقتل اليمنيين، هذا دون اعتبار ثمن الصواريخ التي تطلق على رؤوس الأبرياء.
ترامب الذي أوقع السعودية في فخ اليمن، أصبح يطالبها بثمن حمايتها من إيران. بكل وقاحة عرّى ترامب آل سعود وهو يفرض عليهم الجزية علنا، وإذلالا، مقابل حمايتهم. وهم يدفعون بسخاء. ولأنهم يخسرون كل شيء، سولت لهم أنفسهم احتلال قطر، وافتكاك ثرواتها، و هاهي بوادر أزمة كبيرة مع الكويت حول حقول نفط مشتركة توقفت عن العمل منذ سنة 2014 بدأت بالظهور، وربما تتجرأ السعودية على الكويت، وتحاول افتكاك هذه الحقول بالقوة العسكرية، فهي تحتاج إلى المال، وهي الآن في أوج عجزها المالي، لتحمي نفسها من إيران. ولتحمي نفسها من إيران أصبح من المفروض عليها أن تأكل جيرانها العرب.
الخطة الأمريكية في الشرق الأوسط تنجح بامتياز في ظل قادة عرب أغبياء، عبر شيطنة إيران. شيطنة إيران يهدف إلى إضعاف كل دول المنطقة ما عدا الكيان الصهيوني. سرقة أموال العرب وحصار إيران يضعف كل الدول معا. وولي العهد محمد بن سلمان كان أداة طيعة في يد الأمريكان لتحقيق هذا الهدف مقابل توريثه الحكم بعد والده سلمان، ونسى ولي العهد بان دولته تخسر كل شيء، ولن يبقى منها شيء أن تواصل هذا النزيف، وهذا الوهم الذي اسمه “العدو” إيران.
ونعتقد بأنه لم يبقى للسعودية سوى إيران لتنقذها. فماذا لو مدت السعودية يدها لإيران، وربطت معها علاقات طبيعية، ألن يكفها ذلك هذه الحرب التي يقتل فيها اليمنيين ظلما وبهتانا، وتخسر فيها أموال شعبها، ويكفها دفع الجزية لترامب لكي يحميها من إيران؟ مما لا شك فيه بأن من مصلحة إيران أيضا ربط علاقات طبيعية مع السعودية، إلا أن الأرعن “الكاوبوي” ولي العهد محمد بن سلمان، يبدو بأنه واقع في مصيبتين، سعيه لتولي العرش وتعبيته العمياء للأمريكان، وسوف لن يرث من أبيه سوى بقايا دولة.
صحيفة رأي اليوم
أضيف بتاريخ :2018/10/04