قهر الرواتب المتأخّرة !!
طلال القشقري
يبدو أنّ مشكلة تأخّر صرف الرواتب في القطاع الخاص ما زالت صامدة أمام أيّ حلّ، قد تختفي أحياناً بيْد أنّها تظهر للعيان أحايين كثيرة، حتّى في الشركات الكبيرة ذات الصِيت والأرباح الضخمة، فما بالكم بمؤسّسات القطاع الصغيرة التي لا تكاد تبين؟.
أقول هذه المُقدّمة، وبين يديّ رسالة عَنْوَنَها صاحبُها بـ «رسالة من موظّف مقهور في القطاع الخاص»، ويتمنّى منّي الكتابة عن شركات القطاع الخاص التي يُعاني فيها الموظّف السعودي البسيط كثيراً، ولا يتمتّع بالأمن الوظيفي الذي يتمتّع به الموظّف الحكومي، وضرب مثلاً بشركة معروفة للجميع، ممّا يتأخّر فيها صرف الرواتب لثلاثة أو أربعة أشهر أو أكثر، ولا يحظى الموظّف بأيّ زيادات أو علاوات، ويُداوم فيها وهو ربّما لا يملك قيمة بنزين سيّارته، وأبناؤه لا يملكون مصروفاً مدرسياً يحفظ لهم ماء وجههم أمام أقرانهم، وقد يُطرد من شقّته المُستأجرة إذا لم يُسدّد تكلفة الإيجار، وتُقطع عنه الخدمات بسبب عدم تسديده للفواتير!.
ويزدحم تويتر بعشرات الهاشتاقات عن شكاوى تأخّر صرف رواتب القطاع الخاص، وكلّما زادت هاشتاقات الشكاوى زادت المشكلة، الأمر الذي يعني أنّ الجهات المعنية لا تُبالي بالمشكلة ولا بتويتر الذي يفتح صدره لها، ولا تفسير آخر لذلك؟!.
وكلّما أَلِفَت شركة تأخير صرف رواتبها، فرّ منها كبارُ موظّفيها من المواطنين والوافدين، وعمِلُوا في شركات أخرى تصرف رواتبها أولاً بأول أو بتأخير أقلّ من تأخير الشركة السابقة، بحُكْم علاقاتهم في أوساط الشركات، بينما يبقى موظّفوها السعوديون البُسطاء، إمّا مُتمسّكين بولائهم لشركتهم وآملين بحلّ مشكلتهم بالتي هي أحسن، وإمّا أنّه لا خيار آخر لهم في ظلّ صعوبة الحصول على وظائف أخرى!.
إنّها بحقّ وحقيق مشكلة عويصة بغضّ النظر عن مُسبّباتها، ولها عواقب خطيرة، أهمّها المعاناة الإنسانية القاسية والبيئة الكئيبة التي تخلقها للموظّف في القطاع الخاص، فضلاً عن تأثيرها السلبي على إنتاجيته، فلا يُصَدِّقَنَ أحدٌ أنّ إنتاجية موظّف يستلم راتبه أوّل كلّ شهر هي نفسها إنتاجية موظّف بلا راتب لبضعة أشهر، وفي المجموع يُؤثّر ذلك على الاقتصاد الوطني لأيّ بلد، وعلى خططه وبرامجه ورُؤاه، وأتمنّى أن تُحلّ المشكلة سريعاً، اليوم اليوم وليس غداً، وهي قهر لعباد الله وإمائه، وتستحقّ أن يُستعاذ منها بالله، وهو المُجِيرُ الأعظم!.
صحيفة المدينة
أضيف بتاريخ :2018/10/08