هل سقطت فكرة الدولة السعودية؟
فؤاد البطاينة
بعد الاعتراف السعودي الرسمي باغتيال الصحافي والكاتب جمال خاشقجي في القنصلية السعودية في إسطنبول وتوجيه الاتهامات إلى عدد من الأشخاص، بدأت العديد من الأسئلة تطرح حول فكرة الدولة السعودية واستمرارها.
إن اللحظة التي تقرر فيها الانقلاب على الوهابية، مرتبطة بتطور المشروع الصهيوني إلى مرحلة متقدمة، وهي اللحظة التي تقرر فيها استبدال حكم القبيلة بحكم طاغية منها ليأخذ على عاتقه وحده دون تأثيرات داخلية أو عائلية تعيق متطلبات المرحلة، وشاءت الصدف أو شاء المخطط أن يكون الطاغية غير متزن العقل والنضوج وأن يكون سيده أهوجا وجشعا مثله . ولكون السيد جزءا من الطبيعة الامبريالية وصناعة المال وحليف طبيعي للصهيونية وأهوجا يهوى تحمل المسئوليات الصعبة.
فقد تمكن من أتباع سياسة الانقلاب على حلفائه الأوروبيين وقيمهم السياسية وفي تجاوز حدودهم التي قد تفرض قيودا أدبية على أمريكا، مما مكنها من ممارسة سياستها الامبريالية الاستعمارية كنظام لا كدولة ولكن بحذر، بينما مورست هذه السياسة على عملائها العرب بصلافة غير معهودة كونها تعلم حدودهم.
البدايات والنهايات تكون دائما مرتبطة بحدث متناهي الصغر في سلسة تشكله ومتعاظم الكبر في سلسلة تطوره، والجدلية قد لا تنتهي فيما لو كنا نتحدث عن حدث عظيم فيما إذا كانت الذرة التي ابتدأ هذا الحدث العظيم بها كانت عملا مقصودا وواعيا وله مخططه أو جاءت صدفة، ومع أن الصدفة لا يمكن أن تخلق نظاما أو حدثا منظما يبقى الجدل قائما لحكمة ما، لكنا هنا عندما نتكلم عن حدث اغتيال شخص فإنما نتكلم عن حدث سياسي بسيط جدا إذا جردناه من تداعياته المتوقعة التي ستجعل منه حدثا كبيرا.
إن التداعيات التي تمخضت عنها عملية اغتيال الخاشقجي عرت النظام السعودي كنظام غير أمين على دولة ولا على شعب، وأدخلت في نفوس وعقول جموع المسلمين بأنه غير أمين على أقدس مقدسات المسلمين وأنها بخطر، ولعل شعب السعودية والجزيرة يتابعون مع الشعوب العربية سقوط النظام السعودي فريسة لأطماع دول الغرب حليفته من خلال صحوتها المزيفة المفضوحة على تاريخ طويل لها مع هذا النظام، ويتابعون كيف أن إسرائيل والنظام الأمريكي يأخذون دور القاضي المبرئ للطاغية العميل ويسألون لماذا.
إن قلنا بأن هاجس الجميع كدول لا كمؤسسات كان هو الابتزاز لتحصيل ما يمكن تحصيله فهذا صحيح ، إلا أن النظام الأمريكي وإسرائيل الصهيونية كانت لهم أهداف أضافية وهامة بأخذهم دور المنقذ لرأس بن سلمان لا تقتصر على احتكار الحصة كلها ومحاصرة العلاقات الأوروبية المستقبلية مع السعودية لصالحهم . بل هناك هدف أعمق فيه بيت القصيد عندما نسأل . لماذا أنقذت أمريكا وإسرائيل رأس بن سلمان وبإمكانها أن تكون أكثر سيطرة على القرار السعودي وأكثر نهبا فيما لو عينت سعوديا جديدا بشروط جديدة.
هنا علينا أن نتذكر بأن هناك مشروعا سياسيا أمريكيا إسرائيليا مشتركا هو محور السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط والأهم لإسرائيل وهو استكمال مخطط تصفية القرن، وإن الإبقاء على بن سلمان المرتبط بالمشروع واستحقاقاته مباشرة يعطيه أولوية على غيره من حيث سلامة المشروع، وإن تغيير بن سلمان صعب جدا ومقلق على استقرار السعودية وتأثير ذلك على المهمات الأخرى الموكل بها دوليا كالحرب باليمن والأيادي الملوثة في لبنان ودول أخرى . وإدانته مع الإبقاء عليه سيهز صورة السعودية كدولة في داخل السعودية وخارجها ويضع النظام السعودي في مواجهة شعبه في الوقت الخطأ، وهذا كله ليس في صالح المشروع الصهيوني، فلم لا تباع له وظيفته مرة ثانية وبشروط وأسعار أخرى
سينجو بن سلمان بسلطته، لكن أسرته الحاكمة سقطت بكل المعايير المتفقة والمتناقضة بأعين العالم وشعب الجزيرة، والسعودية سقطت كدولة بانت أضحوكة وليست سمتها من سمات عصر الدول، لكنا نريدها أن تسقط بيد شعبها.
صحيفة رأي اليوم
أضيف بتاريخ :2018/10/21