الأردن ورحلة الموت الأخيرة.. من يتحمل المسؤولية!؟
هشام الهبيشان
بالبداية ، علينا تأكيد أن ماجرى بالبحر الميت “رحلة الموت ” تزامن معه مجموعة حوادث بمناطق معينة ومختلفة من الجغرافيا الأردنية ، نجم عنها بمجموعها عشرات الضحايا والإصابات والمفقودين ،نتيجة حالة عدم استقرار جوي”مطرية ” معتادة في معظم دول العالم ،والاستعدادات لها تكون بشكل طبيعي في مختلف دول العالم ،أن كانت هناك بنية تحتية مُهيأة لأستقبال مثل هذه الحالات الجوية “المعتادة والطبيعية ” ، فهي لاترقى لمستوى “الكارثة الطبيعية التي يصعب السيطرة عليها ” ، ولكن للأسف هنا في الأردن ،بنية تحتية متآكلة متهالكة ،والسبب الرئيسي لتآكل هذه البنية ، هو تقصير أجهزة الدولة في علاج تهالك هذه البنية التحتية ،والسبب بذلك يعود لسياسة تخبط وفساد ممنهجة كانت السمة الغالبة على معظم مشاريع تجديد وإصلاح وعلاج ملف البنية التحتية المترهلة في الأردن .
وهنا وبعد حادثة البحر الميت وما صاحبها من حوادث أخرى،نحن كالعادة في الأردن ،وبعد كل محنة تصيب الوطن والمواطن،نتيجة إهمال أو تقصير أو استهتار أو فساد ممنهج ، سنبدأ نعيش بحالة أصبحت معهودة من الحديث العاطفي والقضاء والقدر وندب الحظ والفزعة “التي تغلب عليها سمة التخبط “،والضجيج الإعلامي الموجه ” والذي تغلب على بعضه “غياب لغة العقل والتحليل السليم لأسباب وتداعيات وخلفيات الحدث ” ، وهنا وليس بعيداً عن حديثنا هذا ، يجب علينا تسليط الضوء على حقيقة أن هناك حالة تخبط وتقصير بصفوف وأركان الدولة بمختلف أجهزتها عند التعاطي مع أي حدث في الأردن، وهذا التخبط ،يعود سببه الرئيسي لتجذر ظاهرة غريبة في صفوف ومؤسسات أجهزة الدولة عنوانها العريض “على عاتق من تقع معالجة ملف هذا الحدث أو ذاك”وهنا تكمن الكارثة ” نتيجة التداخل في الصلاحيات والتخبط الإداري والتنظيمي في صفوف مؤسسات الدولة .
وهنا وليس بعيداً عن حالة التخبط والترهل وتداخل الصلاحيات في صفوف أجهزة الدولة ،هنا ، أتحدى أي مسؤول في الأردن ،أن ينكر حقيقة أن هناك عامل رئيسي مسبب لحالة تهالك البنية التحتية في الأردن ،وهذا العامل الرئيسي هو “الفساد “، الذي بدأ ينخر في جذور الدولة الأردنية بكل أركانها ، فمعظم مشاريع البنية التحتية في الأردن والعطاءات العامة ،يغلب على الكثير منها سمة الفساد ،وهناك في الأردن ، ملفات عالقة لليوم تتحدث عن حجم التنفيع والفساد ،في مشاريع البنية التحتية في الأردن ، ولليوم لانرى أي تحرك من مؤسسات الدولة الأردنية المعنية بمعالجة ومحاسبة ومكافحة ملف فساد مشاريع البنية التحتية في الأردن ، رغم حجم الكوارث الذي تسبب به هذا الفساد على الأردن “الجغرافيا والشعب “.
ختاماً ، أجزم أنه أصبح لزاماً علينا في الأردن ، أن نسمي الأمور بمسمياتها ، ونضع النقاط على الحروف ، ونتحدث بعقل واعي بعيداً عن العواطف ، فماجرى بالأردن نتيجة الحالة المطرية مؤخراً ، تتحمل مسؤوليته ،كل مؤسسات الدولة الأردنية المعنية بملف هذا الحدث ، فقد شاهدنا حالة تخبط وتقصير واستهتار وإهمال ،وفساد كبير في تنفيذ مشاريع البنية التحتية في الأردن، وهذا الملف ينعكس بالدرجة الأولى على شفافية الدولة بكيانها السياسي ،وهنا يجب على النظام السياسي ،أن يتحرك لتصحيح ما يمكن تصحيحه وإعادة هيكلة وتعريف وتوزيع صلاحيات مؤسسات الدولة، كلٌّ على حِدَة ،ومحاسبة كل مقصر ومستهتر وفاسد ، فالمرحلة الحالية والمقبلة من عمر الدولة الأردنية “لاتحتمل تكرار أي سيناريو سابق للتعامل مع أي حدث مستقبلي “.
صحيفة رأي اليوم
أضيف بتاريخ :2018/10/27