جدة وحديث المطر
إبراهيم محمد باداود
ما إن تصل أخبار الأمطار لمن يسكن في مدينة جدة إلا وترتفع أكف بعض سكانها للسماء أن تكون تلك الأمطار أمطار خير وبركة وأن تكون خفيفة وليست غزيرة وأن لا تبقى لفترة طويلة، فبالرغم من جمال مدينة جدة الرائع أثناء سقوط الأمطار خصوصاً لمن يكون قريباً من الكورنيش حيث يشاهد التقاء زخات المطر بموج البحر في مشهد ساحر وجميل إلا أن غزارة الأمطار على هذه المدينة أو استمرارها لفترات طويلة تقلب ذلك المنظر الجميل الساحر إلى كابوس مفجع ومؤلم.
ما إن تقف الأمطار في مدينة جدة إلا ويبادر كثير من سكانها بالذهاب إلى الكورنيش للاستمتاع بالطقس على شاطىء البحر غير أنهم يصدمون بالمناظر التي يرونها في الطرقات والتي يتحول بعضها إلى بحيرات كبرى قد يصعب اجتيازها من قبل بعض السيارات خصوصاً وأن أرصفة بعض تلك الطرق قد تختفي وقد تتداخل المسارات مع بعضها البعض مما قد يساهم في تعطل بعض السيارات وتوقفها فيزداد الأمر سوءاً.
مدينة جدة والمطر قصة عشق قديمة وقضية تاريخية يتكرر فيها الحديث دائماً عند قرب كل موسم أمطار، فبالرغم من تنفيذ العديد من المشاريع الخاصة بتصريف مياه السيول والأمطار خلال السنوات الماضية إلا أن أهالي جدة لاينظرون اليوم إلى قوس قزح بألوانه الجميلة والتي تشرق في كثير من المواقع بعد هطول الأمطار ولكنهم يسارعون بالنظر إلى الطرقات وكيفية تفادي الوقوع في الحفر التي تغطيها المياه حرصاً على سلامة أرواحهم ومركباتهم من السقوط في تلك الحفر وتعطلها أو غرقها خصوصاً عند تذكر مآسي ما حدث قبل حوالي عشرة أعوام جراء السيول غير المسبوقة والأمطار التي تدفقت على عروس البحر.
جهود مشكورة قامت بها بعض الجهات الحكومية بقيادة إمارة منطقة مكة المكرمة لمعالجة بعض الأوضاع المرتبطة بالسيول المتدفقة بعد الأمطار والسيول الغزيرة على المدينة والتي وقعت في عام 2009م، حيث ساهمت تلك الجهود في تحديد مصاب الأودية والأحواض المائية إضافة إلى تفحص السدود القائمة وإعادة التناغم بين قنوات تصريف السيول والسدود الموجودة إضافة إلى تنظيف أنابيب تصريف السيول وإعادة ميلان بعضها والتي لم تكن متناسقة وغيرها من الجهود الأخرى التي ساهمت في إيجاد بعض الحلول لمعالجة مخاطر السيول التي قد تداهم المدينة خصوصاً من الجبال المجاورة.
تلك الجهود الجبارة التي بذلت لحماية جدة من السيول التي تتدفق عليها من الجبال التي حولها تحتاج إلى جهود مماثلة لإعادة البنية التحتية للمدينة للتعامل مع الأمطار الغزيرة وكيفية تصريفها من الطرقات حتى لا تصبح بعض شوارع جدة وفي كل مرة تسقط عليها الأمطار أنهاراً تجري وبعض أحيائها بحيرات راكدة وتستمر قضية جدة مع المطر دون إيجاد حل جذري.
صحيفة المدينة
أضيف بتاريخ :2018/11/04