عن سعد الحريري ورفضه مُصافحة السفير السوري: المشهد الأكثر غَرابةً وسُخرِيَةً!
خالد الجيوسي
يبدو مشهد انسحاب رئيس الوزراء اللبناني المُكلّف سعد الحريري من مُصافحة السفير السوري في لبنان علي عبد الكريم في كُل مرّة مُتكرِّرة، مشهداً غايةً في الغرابة، حيث انسحب الحريري هذه المرّة من تهاني عيد الاستقلال اللبناني (75)، حتى لا يُصافح السفير المذكور، ثم عاد الرئيس المُكلّف مرّةً أُخرى ليستكمل استقبالات الحفل المُقام في قصر بعبدا، والذي أقامه الرئيس ميشيل عون.
لا بُد أنّ الرجل عنده أسبابه الشخصيّة، لكن فيما يبدو أنّ تلك الأسباب غير المعلومة للبنانيين خاصّةً، ولنا عامّة، أصبحت محط سخرية وتندّر بين اللبنانيين على منّصات تواصلهم الافتراضيّة، فالموقف الذي يُسجّله الحريري ضد السفير السوري وسورية بالتّالي، يأتي بعد الحادثة التاريخيّة الشهيرة، التي تعرّض فيها للاحتجاز، والتهديد، والضرب في العربيّة السعوديّة، وعلى إثر هذا خرج لنا باستقالة كانت قد كُتِبَت أمامه، ليعود عنها لاحقاً، وبمُساندة ودعم خصمه اللَّدود “حزب الله”، حليف السوريين بطبيعة الحال.
قد يكون الرئيس الحريري لا يزال يعتقد أن سورية هي المسؤولة عن اغتيال والده رفيق الحريري، أو ربّما لا يزال مُتضامناً مع دماء السوريين بعد ظنّه أنه سيعود لها “فاتِحاً” بعد سُقوط الدولة السوريّة، وقد يكون لا يزال على خُطى تعليمات الحليف السعودي، بعدم التواصل حتى بقدر المُصافحة مع السوريين، وإلا كما سخر أحد النشطاء اللبنانيين منه، سيكون مصيره المِنشار، أو ربّما لا يزال يعتقد أن وضع النظام في تراجع، ولم يصل إلى مسامعه آخر انتصارات الجيش العربي السوري الذي استعاد بدعم حليفه الروسي أكثر من 85 بالمئة من الأراضي، وبالمُناسبة الروس وجّهوا دعوةً رسميّةً للرئيس السوري بشار الأسد لزيارة موسكو علناً.
إذا كان انسحاب الرئيس الحريري هذا ضمن تسجيل مواقف الكرامة والترفّع عن الإهانات، فنعتقد أنه كان أولى به الرّد على الدولة التي وجّهت له الإهانة علناً حين أجبرته على الاستقالة، وفي مُقابلة تلفزيونيّة لن ينساها التاريخ حين أثبتت للعالم بالفِعل أنّه مُحتَجز، وقيمته لا تتعدّى صفة التابع المُنفِّذ لأوامرها، وسورية وإن كانت في خانة الخصم السياسي للحريري، فلا نعتقد أنّ سفيرها يستحق هذا التمنّع عن المُصافحة، وكان الأولى به أن ينسحب من مُؤتمر الاستثمار علناً على شاشات التلفزة الذي حضره في الرياض بحضرة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان على الأقل كردٍّ مُتأخّر على إهانته، لا أن يُبلِغنا بكُل بساطة بأنّه مُتواجدٌ بمحض إرادته!
وإذا كان انسحاب الحريري، لأجل الظُّهور بمظهر الثابت على مواقفه تُجاه “شرعيّة” الدولة السوريّة، فعليه باعتقادنا أن يُعيد حساباته، فالجميع دون اسثناء بات يعود لسورية الأسد تدريجيّاً، وآخرهم الأردنيين، حتى أنّ الرئيس السوري بشار الأسد لم يعد بعد اليوم في الصحافة الأردنيّة رئيس النظام، وعاد بعض المسؤولين في الدولة الأردنيّة إلى مُخاطبته بسيادة الرئيس، بل وتنقل تقارير إخباريّة عن عودة العربيّة السعوديّة ذاتها إلى سورية، وحاجة دول الخليج إلى جيشها ونظامها.
ننصح قبل الخِتام الرئيس سعد الحريري، إن جمعته المُصادفة حتى بأي مسؤول سوري في الشارع العام، أن يُسارع لمُصافحته، فالمُصطفّين على قصر الرئيس السوري كُثر هذه الأيّام، وربّما ستضطرّه قادم الأيّام إلى الاصطفاف معهم، وقد فعلها سابقاً وصافح الرئيس الأسد بعد عداء، ونحن على يقين أنه لن يُغضِب الحليف السعودي إن طلب منه التوجّه إلى سورية، والنصيحة بجمل.
صحيفة رأي اليوم
أضيف بتاريخ :2018/11/24