دور إسرائيل في الحظر الأميركي على إيران
صالح القزويني
بشكل أو بآخر ألقى الرئيس الإيراني حسن روحاني في الخطاب الذي ألقاه في أهالي مدينة خوي بشمال غرب إيران الاثنين الماضي، بلائمة القرارات التي يتخذها الرئيس الأميركي دونالد ترامب ضد إيران بما فيها العقوبات ضد إيران على إسرائيل ومنظمة مجاهدين خلق (إحدى الأحزاب المعارضة في إيران)، وذلك عندما قال إن الرئيس الأميركي لا يدري ما يجري في إيران وأن عقوباته لم تترك أي تأثير على إيران، إلا أن “الكيان الصهيوني وزمرة المنافقين هما اللذان يزودانه بالمعلومات الكاذبة ويقولان له أن النظام الإيراني سينهار جراء العقوبات وأن الشعب الإيراني بدأ ينتفض ضد النظام”.
وغير خاف على أحد لماذا تحرض جماعة معارضة ضد النظام الحاكم في بلادها، كما أن إسرائيل تعتقد أن جانبا كبيرا من نشاط فصائل المقاومة الفلسطينية سيخف أو يتوقف بسقوط النظام الإيراني، وحتى لو لم يسقط النظام فان تكثيف الضغوط عليه سيجعل الأنظار تتجه نحوه ولا تلتفت إلى ممارساته ضد الفلسطينيين.
وهنا تجدر الإشارة إلى أنه ما عدا سوريا وإيران فليس هناك دولة في العالم تتبنى بشكل علني ورسمي السعي إلى تقويض إسرائيل، وبما أن الحرب في سوريا أثرت على دعم دمشق للمقاومة الفلسطينية خاصة أن بعض فصائلها كحماس توترت علاقتها مع سوريا، لذلك لم يبق إلا داعم وحيد للمقاومة الفلسطينية وهو إيران.
من هنا فان من مصلحة إسرائيل تحريض العالم وخاصة الولايات المتحدة ضد إيران والسعي إلى الإطاحة بنظامها بالضبط كما تسعى إيران لذلك، والأزمة القائمة حاليا والضجة المفتعلة ضد إيران والعقوبات بل وحتى التهديد بشن الحرب خاصة في الحكومات الأميركية السابقة؛ كل ذلك من أجل إسرائيل ولرفض إيران الاعتراف بها وكذلك للمساعي التي تبذلها من أجل تقويضها كدعمها لبعض الأحزاب المقاومة لإسرائيل وفي مقدمتها حزب الله.
ولاشك أن العقوبات الأميركية تؤثر على إيران، بل أن إدارة ترامب هددت كافة الدول بفرض عقوبات عليها إذا تعاملت مع إيران، ولم تستثن حتى حلفاءها من هذا التهديد، ومع أن ترامب يعلم أن الشعب الإيراني هو المتضرر الرئيس من هذه العقوبات إلا أنه لا يبالي، فليذهب ليس الشعب الإيراني وحده بل العالم برمته فداءا لإسرائيل.
والعقوبات هي المرحلة الأولى للضغط على إيران من أجل تغيير موقفها تجاه إسرائيل، ومن المؤكد أن هذه العقوبات ستنتهي إلى طريق مسدود، فإما أن يتراجع عنها ترامب، أو أن تتراجع إيران عن مواقفها وسياستها.
ومن المستبعد جدا أن تتراجع إيران عن مواقفها وسياستها تجاه إسرائيل، كما أنه من المستبعد أن يتراجع ترامب خلال الفترة المتبقية من حكمه عن قرار الحظر والعقوبات ضد إيران، لذلك إذا تغيرت حكومته وجاءت حكومة جديدة فربما ستغير سياستها تجاه إيران، ولكن إذا استمر في الحكم وانتخب لفترة رئاسية ثانية فلامحالة من وقوع الحرب بين إيران والولايات المتحدة خاصة إذا إصر ترامب على فرض العقوبات واصطفت أوروبا إلى جنبه وأحيل الملف الإيراني إلى مجلس الأمن الدولي.
ومن المؤكد أن الحرب إذا اندلعت فإنها لن تقتصر على الحدود الإيرانية وإنما ستتسع دائرتها ومدياتها لأبعد ما يمكن تصوره، مما يعني أن المنطقة والعالم برمته سيكون على موعد لحرب مدمرة ومعارك وأعمال عنف هنا وهناك.
كل ذلك من أجل الحفاظ على إسرائيل ومجموعة من القتلة والإرهابيين الذين لا يتورعون عن ارتكاب أية جريمة ضد كل من يعارضهم ويرفضهم، فيا ترى ما هو الثمن الذي تدفعه إسرائيل لتستحق تدمير دول بأكملها وارتكاب المجازر ضد شعوب برمتها من أجل بقائها؟
كل المبررات والذرائع التي تسوقها الإدارات الأميركية بما فيها إدارة ترامب لا ترقى إلى قوة مبرر الدفاع عن إسرائيل وحمايتها، إلا أن الغريب في الأمر أن ترامب منذ انطلاق حملته الانتخابية وحتى اليوم يدعو الحكومات التي تحصل على الدعم الأميركي من اجل حمايتها إلى دفع ثمن الحماية، وحتى انه حدد بالأسم والفترة التي تنهار فيها الحكومات إذا سحبت أميركا دعمها عنها، ولكنه لم يتحدث يوما عن إسرائيل وماهو الثمن الذي يتعين عليها دفعه لتبقى مقابل نضال الفلسطينيين وعداء كافة الشعوب العربية والإسلامية بل وأحرار العالم لها؟
هل لأن إسرائيل مستثناة عن الدفع أم أن ترامب لايحتاج لأموالها، أم أنها ترفض الدفع أم أنها تدفع ثمن حمايتها، ولكن دفعها ليس علنيا، وإذا كانت تدفع الثمن فهل هو مبلغ مالي أم غير مالي؟
ولست هنا بصدد إثبات أن إسرائيل تنهار في بضعة أيام لولا الدعم الأميركي، وإنما أردت تسليط الضوء على الكوارث التي تحل بالمنطقة والمشاكل التي تعاني منها شعوبها نتيجة الدعم الذي تقدمه الولايات المتحدة لإسرائيل.
غير أنه لا يراودني أدنى شك أن إسرائيل ستنهار وتزول عن الوجود في فترة أقصاها شهر لو تخلت واشنطن عنها، لأنني على يقين أن كافة الشعوب العربية والإسلامية لديها الاستعداد الكامل للرد على الإذلال والاهانات والإساءات التي تمارسها إسرائيل ضد العرب والمسلمين سواء بتصريحات مسؤوليها أو الاعتداءات العسكرية على بلدانهم أو التآمر ضدهم أو الاهانات التي توجهها لمقدسات المسلمين في فلسطين أو ارتكاب المجازر ضد الفلسطينيين.
كل هذا الدعم الذي يقدمه ترامب لإسرائيل ولكنه لم يتحدث بتاتا عن الثمن الذي يتعين عليها دفعه لبقائها.
صحيفة رأي اليوم
أضيف بتاريخ :2018/11/26