الفشل الدولي في مواجهة الأزمة الإنسانية باليمن
مأرب الورد
تتفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن بشكل أكبر مِن استجابة المجتمع الدولي لاحتوائها أو التخفيف منها، على الرغم من أنها الأكبر في العالم باعتراف الأمم المتحدة المتكرر في أكثر من مناسبة.
ويمثل هذا التقصير الدولي غير المبرر علامة على تراجع مكانة القيم الإنسانية واحترام حقوق الإنسان في النظام العالمي الذي باتت فيه المصالح هي المحدد الأول والأخير لمواقف الدول وسياساتها الخارجية، دونما اعتبار لالتزاماتها القانونية والإنسانية.
ولطالما نظرت الدول الكبرى المتحكمة بهذا النظام إلى ما يجري في اليمن بدرجة متدنية من الاهتمام إن على مستوى النقاش بمجلس الأمن، أو على المستوى الإنساني، ربما لأنها لا تريد خسارة سوق السلاح الذي يمثله استمرار الصراع إن هي ضغطت باتجاه حله سياسياً.
ولهذا فالمصالح مع بقاء الحرب وليس في وقفها أو الاهتمام بتداعياتها الإنسانية، حتى لا تجذب الانتباه لدور ومسؤولية الجهات المؤثرة فيها، ناهيك عن أن بُعد اليمن جغرافياً عن أوروبا وغياب أية تداعيات عليها من قبيل تدفق اللاجئين، يجعلها غير معنية بما يجري بهذا البلد الأفقر في الشرق الأوسط.
وفي وضع كهذا، تبدو تحذيرات المنظمات الإنسانية من تفاقم أزمة الجوع في اليمن كصرخة في وادٍ لا يسمعها أحد، وإن سمع يتظاهر بعدم سماعها، والركون لتحرك جيران هذا البلد، على اعتبار أنهم أثرياء وسيقومون بما يلزم.
وهذا ما يفسّر تنصل المانحين من وعودهم التي أطلقوها بتقديم تبرعات للأمم المتحدة لتنفيذ خططها الإنسانية في اليمن، خلال السنوات الثلاث الماضية، ما أدى إلى نقص في التمويل المالي، وزيادة أعداد المحتاجين للمساعدات، مع أنه لو حصل التزام بالوعود لما تفاقمت الأزمة على هذا النحو المخيف.
وفي ظل هذه الظروف، من الطبيعي أن يقول مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) إن الأزمة الإنسانية في اليمن سوف تتجاوز الأزمة السورية للمرة الأولى، لتصبح الأكثر تكلفة في العالم بحلول العام2019، بأربعة مليارات دولار مقارنة مع 3.5 مليار دولار لسوريا.
وقد اعترف وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو بأن «الأزمة الإنسانية في اليمن ذات أبعاد أسطورية، وهناك الملايين على حافة المجاعة».
ويعزز هذا التوصيف تقييم سابق أطلقه مارك لوكوك منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، حذّر فيه من خطر حدوث مجاعة كبرى وشيكة، ودعا الأطراف المعنية إلى فعل كل ما يمكن لتجنب حدوثها. ووضع الأمين العام للأمم المتحدة خارطة طريق للخروج من الأزمة الإنسانية تشمل «وقف العنف في كل مكان، خاصة حول البنية التحتية الحيوية والمناطق ذات الكثافة السكانية العالية»، والسماح بدخول الواردات التجارية والإنسانية من المواد الغذائية والوقود بدون قيود.
كما تدعو إلى «دعم الاقتصاد اليمني بخطوات حاسمة لتثبيت سعر الصرف، ودفع الرواتب والمعاشات، وزيادة التمويل الدولي حتى تتمكن الوكالات الإنسانية من توسيع نطاق وصولها».
صحيفة العرب القطرية
أضيف بتاريخ :2018/12/07