ما وراء القرار الأمريكي الانسحاب من سوريا.. إلى أين التوجه؟
ربى يوسف شاهين
السياسة الأمريكية بقيادة الرئيس ترامب وعلى ما يبدو بدأت بتنفيذ خيوط لعبتها التي تعتمد على المناورة، ولكن هنا بدأت بالمناورة الإعلامية، ليستيقظ العالم على خبر الولايات المتحدة الرئيس ترامب مصرحا: ” لقد هزمنا داعش في سوريا وهو مبرري الوحيد للوجود هناك خلال فترة رئاستي”، ليتبعه مسؤولون أمريكيون بالقول: ” أميركا تبحث سحبا كاملا لقواتها من سوريا”.
ماذا وراء هذا التصريح الأمريكي
على عجلة من الخبر الترامبي، ترد إسرائيل معلنة امتعاضها من القرار و واصفة خروج الأمريكي من سوريا ترك الساحة للهيمنة الروسية الكاملة وهذا سيء لإسرائيل، فقد توترت العلاقات بين إسرائيل و روسيا بعد إسقاط إسرائيل لطائرة إيل-20 الروسية، وكلفها لإسرائيل تسليم سوريا منظومة الصواريخ S300، ليأتي الآن ترامب ويعلن انسحابه من شمال وشمال شرق سوريا، لكن المشهد الحاصل لا ينطوي على أن إسرائيل قد فقدت أوراقها ،لأنه في الأصل لا نثق بالقرار الأمريكي، صحيح أن سوريا قد انتصرت ولم يتبقى سوى جيوب قليلة للإرهابيين، بالإضافة إلى إدلب المعقل الذي يضم كل إرهابيي العالم، ولكننا لا ننسى أن منطقة الشمال والشمال الغربي والشرقي تتعدد فيه جنسيات الاحتلال من أمريكا وتركيا و فرنسا، وطبعا الفصائل المسلحة من داعش وجبهة النصرة وغيرها ممن ينضوون تحت غطاء ما يسمى “المعارضة السورية”.
اجتمع الضامنون للحل السياسي في سوريا روسيا وإيران وتركيا في جنيف بحضور دي مستورا، وكانت النتائج بأن الحل السياسي مستمر رغم أن تركيا تخطت المنوط بها لجهة الحل في إدلب، ولتعلن الحرب على الكرد السوريين في شرق الفرات، لأنهم يشكلون تهديدا لأمنها القومي، وبين اخذ ورد بين أمريكا وتركيا تفاجئ أمريكا العالم بقرار الانسحاب من الشمال السوري فإلى أين التوجه؟.
منذ حرب العراق والخسارة التي مني بها الجيش الأميركي في هذا البلد الشقيق، إلا أن أميركا لم تنسى ولن تنسى مشروعها الصهيو أمريكي، فمازال الحلم قائما وخيوط اللعبة يعاد حياكتها، فما لم تستطع الولايات المتحدة من تحقيقه في سوريا والعراق، لابد من إعادة صناعته من جديد، ولكن هذه المرة بالشكل السياسي الدبلوماسي، لتُظهر نفسها أنها فعلا قد أتمت ما جاءت لمحاربته ألا وهو الإرهاب، ليكون المبتغى إعادة التموضع ولكن بطواقم ليست أميركية، فقد أنشأت واشنطن قواعدها التي هي الركيزة الأساسية لها في مناطق أعدتها بحيث تكون المركز لقواعدها المتفرقة في سوريا والعراق والسعودية قطر البحرين الكويت البحرين سلطنة عمان الإمارات جيبوتي و مصر، وجميع القواعد السابقة تشهد استقرارا وترحيبا بها باستثناء العراق وسوريا، والتي أنشأت القواعد فيها لتغدو احتلالا موصوفا.
استراتيجية أميركا الممنهجة للبقاء كانت غير فاعلة في كلا البلدين، وخصوصا سوريا، لذلك كان لابد من اللعب على ورقة الأكراد، والذي لعبته أميركا سابقا في العراق، فما أرادته أميركا نُفذ من حيث إنشاء القواعد وتأسيس الأرضية لفصائلها الإرهابية وما عليها الآن إلا تسليم الدور القيادي على الأرض إلى من تظنهم بأنهم ولمجرد أن الجنسية عربية قد يستطيعون إكمال المهمة، وكانت أمريكا قد صرحت بنيتها إرسال قوات سعودية وسودانية لتحل مكان قواتها، ولكن الرأس المحرك هو واشنطن طبعا.
رغم كثرة التحليلات والاستنتاجات إلا أن ما يهمنا أن السياسة الأمريكية مكشوفة لدى القيادة السورية، والكلمة قد قيلت عبر الرئيس الأسد بوجوب تحرير كل الجغرافية السورية، وما هذه التصريحات أو القرارات الأمريكية إن تمت بالشكل المناسب والصحيح والذي يثبت حسن النوايا، أو أنه كان مجرد زوبعة من التصريحات، فهذا لن يحرفنا عن المسار الذي أقرته القيادة السورية إلا وهو السيادة الكاملة على جميع الأراضي السورية، وما تبقى يبقى كلام سياسي، فالأرض لنا والجيش العربي السوري كفيل بطرد كل معتد محتل.
صحيفة رأي اليوم
أضيف بتاريخ :2018/12/21