إيران ترد على الحظر الأميركي والبادئ أظلم
صالح القزويني
لم تنف طهران (حتى كتابة هذه السطور) ولم تؤكد ما تردد أن سفنا تابعة للحرس الثوري أطلقت صواريخ باتجاه حاملة الطائرات الأمريكية جون ستينيس التي دخلت مياه الخليج الفارسي للمرة الأولى منذ عام 2001.
كما أن طهران لم تنف ولم تؤكد ما أعلنته الولايات المتحدة الأميركية وعدة دول غربية الأسبوع الماضي من أن القوات الإيرانية أجرت تجربة لصواريخ باليستية، واكتفى المسؤولون الإيرانيون بالقول، أن من حق إيران إجراء تجارب صاروخية وأن هذه التجارب الصاروخية لا تنتهك الاتفاق النووي، والاتفاق منع إيران من إجراء تجارب على صواريخ قادرة على حمل رؤوس نووية.
أشرت في المقال السابق الذي تكرمت رأي اليوم بنشره، إلى أن الولايات المتحدة تشن حربا اقتصادية واسعة ضد إيران لإرغامها على الرضوخ والاستسلام لمطالبها، وفي هذا الإطار يعلن أكثر من مسؤول أميركي أن عقوبات بلاده على إيران غير مسبوقة في تاريخ العقوبات وأنها شلت مجالات متعددة وحيوية في إيران، غير أن الملفت في الأمر أن الإدارة الأميركية لا تعلن عن تفاصيل إجراءاتها.
ويكفي القول في هذا الصدد أن الخارجية الأميركية شكلت فريقا خاصا بتنفيذ العقوبات ضد إيران، ويترأس (لجنة العمل الإيرانية في الخارجية الأميركية) برايان هوك، مما يشير إلى أن الإدارة الأميركية ماضية في تضييق الخناق على إيران وسد كافة الثغرات التي يمكن أن تتسلل من خلالها لاختراق الحصار المفروض عليها.
في المقابل فإن المسؤولين الإيرانيين يؤكدون أن الأميركيين يتحركون على قدم وساق بين دول المنطقة لتضييق الخناق على البلاد وإقناع حكومات المنطقة والمجتمع الدولي بضرورة وقف التعاون الاقتصادي، مما يشير إلى أن الإيرانيين يرصدون كل تحركات الأميركيين خاصة تلك المتعلقة بالحظر على إيران.
يقول الإيرانيون “إن الإجراءات الأميركية ضد بلادهم لم تتوقف منذ تأسيس الجمهورية الإسلامية وإلى هذا اليوم” غير أن إستراتيجية الرئيس الأميركي الحالي تختلف عن استراتيجيات الرؤساء السابقين، إذ أن ترامب في الوقت الذي يكثف فيه ضغوطه على إيران ويضيق الخناق الاقتصادي عليها فأنه يسعى إلى النأي بنفسه عن كل تصريح أو إجراء يزيد التوتر في المنطقة، وليس هناك سبب واضح وراء إستراتيجية ترامب ضد إيران سوى أنه لا يريد أن تتأثر أسواق النفط بتصعيده ضد إيران.
طهران التي تخشى أن يفاجئها ترامب بقراراته لا ترى من مصلحتها أن تقف مكتوفة الأيدي ليقوم ترامب بتمرير كل ما يريد دون أية رد فعل بل على العكس من ذلك تسعى إلى إحباط كل مشاريعه وخططه قبل أن تصل إلى مرحلة التنفيذ، ولكن كما أن ترامب يسعى إلى تسديد الضربات لإيران في الخفاء فأنها أيضا تسعى إلى إحباط مخططاته دون البوح بالأساليب والخطط التي تنفذها لتحقيق هذا الغرض.
بما أن ترامب يرى أن من حقه القيام بأي إجراء لإرغام إيران على الاستجابة لمطالبه فان طهران من جانبها ترى من حقها أيضا اتخاذ أي إجراء لإبعاد الأضرار عنها وفي نفس الوقت إيصال ترامب إلى قناعة أن عقوباته وإجراءاته لن تجدي معها، ولكن بين الفعل الأميركي والرد الإيراني فان باب الاحتمالات سيفتح على مصراعيه، وفي هذا السياق فانه ليس من المستبعد اندلاع الحرب بين الطرفين.
هنا تتبلور أهمية الدور الذي يلعبه المجتمع الدولي لإنهاء الصراع والأزمة، ولكن للأسف فان أغلب دول العالم تقف موقف المتفرج مما يجري بل أن بعض الدول تحرض ترامب على المضي قدما في سياسته والذهاب إلى أبعد مديات التصعيد ضد إيران.
طهران في الوقت الذي تسعى فيه إلى إحباط السياسة الأميركية فأنها تحرص على أن لا تؤدي إجراءاتها الردعية إلى إحراج بعض الدول وخاصة الدول الأوروبية التي أعلنت أنها تريد تجاوز العقوبات الأميركية على إيران، ومع انه لم تظهر مؤشرات على تنفيذ أوروبا سياستها تجاه إيران إلا أن طهران لا تريد أن يتحول هذا البصيص من الأمل إلى يأس كامل.
صحيفة رأي اليوم
أضيف بتاريخ :2018/12/24