حاكموهم.. وحاسبوهم حتى يعتبر الآخرون
هاشم عبده هاشم
•• لست أدري إن كان لدينا نظام "يُجرم" التحكم في أسعار الخدمات.. ويعاقب المبالغين في رفعها.. وكذلك يُحرِّم ويُجرِّم "السمسرة" بأنواعها.. ودرجاتها.. وتأثيراتها على الوطن والموطن.. أم لا؟
•• أطرح هذا السؤال لأن من يعبثون بمقدرات الناس في تزايد مستمر.. وذلك يُشير إلى أن هؤلاء المتحكمين والسماسرة والمتلاعبين يتحركون بحرية كاملة ولا يخشون حساباً أو عقاباً من أحد..
•• وما حدث في العاصمة الفيتنامية "هانوي" مؤخراً هو من أبسط أنواع التحكم والسمسرة والاستغلال السائدة لدينا لحاجة المواطن أو الإضرار باقتصاد الوطن ومصالحه العليا.
•• وكما قال السفير السعودي في فيتنام.. فإن السفارة قد رصدت عدداً من السماسرة السعوديين بينهم (مع كل أسف) أعضاء في اللجنة الوطنية للاستقدام يقومون باستقدام العاملات المنزليات للمواطنين بتكلفة قد تصل إلى (25) ألف ريال فيما لا تتجاوز تكلفتها الحقيقية ألفي ريال.. وان السفارة قد أعادتهم إلى الوطن..
•• لكن السؤال هو: هل إعادة هؤلاء إلى أرض الوطن كافية.. أم أن محاسبتهم.. ضرورية وواجبة.. وأن استرداد أموال الناس منهم حتمية..؟
•• إن ذلك سوف يتوقف - إلى حد بعيد – على وجود نظام يحكم هذه الأمور..
•• وإذا لم يكن هناك نظام يُحاسب ويُعاقب هؤلاء لا سيما وأن بعضهم يتحمل مسؤولية تنظيم عملية الاستقدام وخدمة المواطن فيها وأنهم قد استغلوا طبيعة وظيفتهم لتحقيق مصلحة خاصة على حساب الوطن والمواطن، بكل ما يعنيه ذلك من إخلال بأمانتهم.. وطبيعة مسؤوليتهم.. فإن الواجب يحتم التعجيل بإصدار نظام كهذا.. لا سيما وان رد وزارة العمل على الحادثة كان "عائماً" وغير واضح..
•• وحتى في ظل غياب مثل هذا النظام.. فإن المحاسبة واجبة حتى يعتبر الآخرون ويقلعوا عن التحكم في رقاب الناس تحقيقاً للكسب غير الحلال وبطرق غير مشروعة.. بل ومخجلة أيضاً.
•• وبالمناسبة.. فإن حالات كهذه تُعطي الانطباع بأنها ترقى إلى مستوى الظواهر السلبية التي تحتاج إلى معالجات جادة حتى يصلح البلد.. وتستقيم الأمور على وجهها الصحيح.. ويقضي على مظاهر الفساد بأشكالها المختلفة..
•• تلك ناحية..
•• أما الناحية الأخرى.. فإن سوق العمل في جانبه الخاص بالاستقدام يحتاج إلى نظرة عميقة.. ومعالجات مفصلية وشاملة.. ليس فقط بالنسبة للعمالة المنزلية وحدها.. وإنما بالنسبة للعمالة البسيطة الأخرى التي تغرق البلاد بتدفقها للعمل في الأسواق والمتاجر وقطاع البناء وقيادة سيارات الأجرة وكل مجال من مجالات الحياة.. والسبب الرئيس في هذا التدفق الهائل هو رخص أسعارها.. مقارنة بالأسعار الحقيقية لاستقطاب عمالة محلية وحل جزء كبير من مشكلة البطالة في بلادنا..
•• وإذا نحن لم نعالج هذه المسألة "الكارثية" فإن المردود علينا سيكون سيئاً ليس من الناحية الاقتصادية فحسب وإنما من الناحية الأمنية أيضاً.
•• وزيارة واحدة (فقط) لأحد المراكز التجارية كفيلة بأن تجعلنا نضع يدنا على قلوبنا.. ونتساءل بحرقة.. كيف يحدث هذا لأن نسبة من يعمل فيها من السعوديين لا يكاد يتجاوز (3%) على أكثر تقدير.
***
•• ضمير مستتر:
•• (عندما يقود الجشع البلاد إلى خطر.. فإن التدخل الحتمي يصبح ضرورة تحتمها المصلحة العليا).
صحيفة الرياض
أضيف بتاريخ :2016/03/01