العرب يعودون إلى حضن دمشق .. وليس العكس
الدكتور حسن مرهج
تتسارع الخطوات السياسية في تفاصيل المشهد السوري، و سنشهد زحاما إقليميا و دوليا على أبواب دمشق، لمبايعتها على النصر الذي فرضته الرؤية الحكيمة للرئيس بشار الأسد، حيث أن الخطوات الدبلوماسية تُمثل اعترافا واضحا بأن الدولة السورية كانت و ستبقى الدولة صاحبة الموقع و الدور المؤثر، في طافة القضايا الإقليمية، فالمؤكد بأن الحرب التي فُرضت على سوريا، كانت تهدف إلى إبعاد سوريا من دائرة التأثيرات الإقليمية و الدولية، لكن النصر السوري عبّد الطريق إلى دمشق، و بات من كان سببا في الحرب عليها، يبحث عن طريق إليها، لكن من يريد الوصول إلى دمشق، عليه أولا الرضوخ إلى شروطها، لتكون سبيلا في إعادة العلاقات، و هنا لا نتحدث عن النصر السوري جزافا، فالواضح للجميع بأن الدولة السورية انتصرت، و ستنهض من جديد إقليميا و دوليا.
العائدون إلى دمشق يتشدقون بأن خطواتهم تأتي في سياق مواجهة النفوذ الإيراني في سوريا، و بهذا فهم يختبؤون خلف حجج واهية، فالكل يعلم بأن دول الخليج و رغم حربهم الغير معلنة مع إيران، فهم يرتبطون بعلاقات اقتصادية قوية مع جارتهم، و يدركون بأن اقتصادهم لا يمكن أن يكون في حالة طلاق مع الاقتصاد الإيراني، فالواضح أن عودتهم إلى دمشق لا تُقارب هذه الحجج، بل أن الواضح أن دمشق ستكون سبيلا لهم للتقارب أكثر مع إيران، و الابتعاد رويدا رويدا عن الغول الأمريكي، حيث أن سوريا استطاعت بصمود جيشها و شعبها، أن تُحبط الخطط الأمريكي، فضلا عن أن دمشق استطاعت أن تُثبت للعالم أجمع، معنى أن تكون عربيا، فالحرب التي فُرضت على سوريا، لم تستطع أن تحرف البوصلة السورية، على الرغم من سنوات الحرب الإرهابية، فلا زالت دمشق تنادي بوحدة القضايا العربية و الإسلامية، و لا زالت بوصلة دمشق تتخذ من القضية الفلسطينية أساسا و منهجا، و بالتالي فإن عودة العرب إلى حضن دمشق، خير دليل على أن الانتصار السوري أبهر العالم.
الجدير بالذكر، بأن البرلمان العربي طالب في ديسمبر/ كانون الأول الحالي بعودة سوريا إلى جامعة الدول العربية، الأمر الذي يمثل إقرارًا بشرعية الدولة السورية و رئيسها الأسد، وفي المقابل يُمثل هذا الطلب إقرارا بأن التخلي عن سوريا و الابتعاد عنها كان خطأ فادحا، لهذا جاءت زيارة علي المملوك رئيس مكتب الأمن الوطني السوري إلى القاهرة عقب زيارة البشير لدمشق مباشرةً، ولقاؤه برئيس المخابرات المصري مدير مكتب الرئيس، اللواء عباس كامل، لوضع اللمسات النهائية و تعبيد الطريق العربي نحو دمشق، لكن لن تكون عودة العلاقات إلا بتوقيت دمشق، فمصر منذ البداية كان لديها تنسيق مع سوريا خاصة فيما يتعلق بالجماعات المسلحة وانتقال العناصر الإرهابية بين البلدين، خاصة في سيناء، و لابد من التنويه إلى السياسة الروسية في التعاطي مع محور أعداء دمشق، ساهمت في إعادة تصويب المسارات، و قد اعتمدت روسيا في ذلك، على صمود الدولة السورية، فبهذا الصمود المرافق للسياسة الروسية جعل من العرب و الخليجين على وجه الخصوص، أن يدركوا بأن سوريا وعلاقاتها من الروسي و الإيراني ستكون بمثابة الدرع الواقعي من تداعيات السياسة الأمريكية في المنطقة.
الرئيس الأسد يجني ثمار صبره و صمود جيشه و شعبه، فالإمارات و البحرين باتوا في دمشق و على أبوابها، و هذه الخطوات ستكون افتتاحية للعديد من الخطوات العربية نحو دمشق، فضلا عن أن الجماعات الكردية في منبج طالبت الدولة السورية بحمايتهم من تركيا التي حشدت قواتها لدخولها، و قد تمكنت وحدات الجيش السوري من دخول منبج رغم التحذيرات الأمريكية و التركية، بالتالي تتجه الأوضاع في سوريا إلى نمط ما قبل 2011، الدول العربية خاصة الخليجية ستتعامل بنمط الاحتواء والعلاقات الاقتصادية، أما تحالف دمشق مع طهران فلن ينفك لصالح العرب، وإن حاول الموازنة بينهما كما كان في السابق، بالنسبة لتركيا فستتكفل روسيا بأمرها، وستزيل مخاوفها من الدولة الكردية التي تلاشت بعد تخلي الجميع عنها، وستضمن مصالحها، وبهذا تكون سوريا بيضة القبان في مشهديات العلاقات الإقليمية و الدولية، يضاف إلى الجميع سيعودون إلى حضن دمشق، و ليس العكس، فالمنتصر من يفرض شروطه، و دمشق انتصرت.
صحيفة رأي اليوم
أضيف بتاريخ :2018/12/30