الشهيد النمر: مدرسة التضحية وفضح المتخاذلين والقتلة
علي آل غراش
لقد أسس الشهيد الشيخ نمر باقر النمر مدرسة البطولة والإباء والعطاء والتضحية لأجل الإصلاح، وعدم التخلي عن نصرة النشطاء الأبطال والدفاع عن الأبرياء والمظلومين، وقول كلمة الحق رغم الترهيب والاعتقالات التعسفية والقمع والتعذيب والقتل، والتقاعس والتخاذل.
الشهيد البطل الشيخ النمر تحرك وثار وضحى لإحياء قيم ومبادئ ثورة عاشوراء الخالدة الحقيقية القائمة على العطاء والتضحية. فبعد مقتله وشهادته سطر بعض الشباب الأحرار وبعض علماء الدين الشرفاء مواقف بطولية بالنزول للشوارع للتعبير عن الغضب والاحتجاج على جريمة الإعدام، واستنكر علماء الدين الأحرار الشجعان تلك الجريمة .. رغم تهديدات السلطة المستبدة والمجرمة، وتقاعس وتخاذل بعض رجال الدين والوجهاء والشخصيات ..، وإلقاء الخطابات ونشر البيانات لدعم ومساندة السلطة الظالمة القاتلة ضد الأحرار الإصلاحيين شباب الحراك، فتعرض عدد من الشباب للاعتقال التعسفي مثل: فاضل المغسل و مكي العباس و مجتبى آل تراب وغيرهم، والبعض تعرض للقتل برصاص الأجهزة الأمنية كالشهداء: السيد محمد الفلفل والسيد أكبر الشاخوري، والقتل نتيجة التعذيب في المراكز الأمنية والسجون كالشهداء: مكي العريض و محمد الحساوي وغيرهم. وقد تم اعتقال علماء دين شرفاء أحرار منهم : الشيخ حسين الراضي و الشيخ محمد حسن الحبيب و الشيخ جعفر الصويلح و الشيخ حبيب الخباز وغيرهم، واعتقال نساء مثل إسراء الغمغام و نعيمة المطرود، واعتقال أطفال. ولقد تم اعتقال الآلاف من بداية الحراك.
ومازالت تلك المدرسة تنتشر وتخرج المزيد من الأحرار الإصلاحيين، وتقدم المزيد من صور الإباء والتضحيات نتيجة التمسك بطريق الإصلاح والحرية والكرامة، وبفضل تلك التضحيات ودماء الشهداء والتعذيب والسجن تترسخ قيم ومبادئ الإصلاح والتغيير أكثر وأكثر في المجتمع، والثورة الشعبية الشاملة قادمة إنها قريبة جدا.
تعرية المتخاذلين
ومن خلال مدرسة العطاء والتضحيات التي ينتمي إليها الشهيد نمر النمر، فقد تم تعرية وإظهار حقيقة فئة من رجال الدين وغيرهم، الذين لا يملكون ذرة من الشجاعة والإباء والشهامة لقول كلمة حق ونصرة مظلوم والتضحية للقيم والمبادئ، بل على العكس من ذلك يقومون بالدور السلبي التخاذلي لتحطيم معنويات المجتمع وتسريب اليأس إلى القلوب والنفوس، وزرع الخوف من بطش السلطة بمبررات دينية وسياسية والمدارة كما فعل رجال دين السلطة في الكوفة عندما استشهد الإمام الحسين (ع)، ولكنها في نهاية الأمر مواقف تدل على التقاعس والتخاذل والتخلي عن نصرة الحق والحقيقة والمظلومين الأبرياء ومساعدة الحكومة القاتلة والمجرمة.
دماء الشهيد تفضح السلطة ورجال الدين
الشهيد الشيخ النمر فضح بعض الفئات في المجتمع التي تكثر الكلام بأنها مستعدة للحراك والمطالبة بالتغيير والثورة، وتنتقد عدم وجود قيادة مضحية ومتصدية في المجتمع، تتحمل المسؤولية للتغيير، ولكن هذه الفئة بعد تحرك الشيخ النمر تخاذلت وابتعدت وتركت القائد الشيخ النمر ومن معه يواجهون مصيرهم، بل وقفت ضد القائد مع رجال الدين المثبطين ومع مشروع السلطة المستبدة والمفسدة والمجرمة والقاتلة، وبعد جريمة إعدام الشهيد الشيخ النمر قالوا كما قال أعداء الإمام الحسين بعد تضحياته وشهادته (لو أنه لم يخرج أفضل). نعم الشهيد النمر قد فضح بعض رجال الدين والمصالح الذين يجيدون فنون تمجيد السلطة القاتلة وخدمة مشروعها بمبررات دينية وسياسية مصلحية على حساب قيم ومبادئ الحق والعدل وثورة عاشوراء، وفضح الفئة التي فقط تجيد فن الكلام والنقد .. دون الاستعداد لتقديم التضحيات، نعم لقد عرّاهم أمام الناس وسقطوا واحترقوا، ولكن للأسف يوجد فئة من الناس نائمة مازالت تصدقهم لأنهم قوة دينية ولأنهم مدعومون من السلطة لغاية الآن؛ ولكن سيأتي اليوم الذي فيه سوف تتخلى عنهم الحكومة الفاسدة وليس ببعيد!.
السلطة القاتلة تدفع الثمن
سلطات الرياض المجرمة القاتلة، بعد نحو عامين من ارتكابها جريمة قتل الشهيد الشيخ النمر تدفع الثمن وتتعرى أمام العالم، ويكتشف الجميع مدى وحشيتها ودمويتها، ومدى زيف وكذب اتهاماتها ضد النشطاء والإصلاحيين ومنهم الشيخ النمر ومن معه من قتلوا ظلما رغم أنهم لم يعتدوا على أحد.
وأصبحت سمعة العائلة الحاكمة السعودية مقرونة بالجريمة في وسائل الإعلام في العالم وبالخصوص ولي العهد السعودي المسؤول عن جريمة قتل الإعلامي الصحفي جمال خاشقجي في قنصلية السعودية في اسطنبول بتركيا بطريقة وحشية على أيدي فرقة استخباراتية متخصصة في عمليات القتل للنشطاء تعمل بأوامر مباشرة من مكتب ولي العهد محمد بن سلمان، وقد حاولت الرياض في البداية التهرب من الجريمة بالكذب والتزييف ولكنها لم تستطع أمام الأدلة الدامغة المصورة فاعترفت بالجريمة مجبرة موجهة الاتهام للفريق الذي قام بالجريمة فقط، هذه العملية بالإضافة إلى اعتقال عدد من الكفاءات والنخب الوطنية وعدد من النشطاء والناشطات وتوجيه اتهامات الخيانة لمجرد نشاطهم ومطالبتهم والتعبير عن الرأي ومطالبة النيابة بإعدام البعض يؤكد بطلان وزيف الاتهامات التي بسببها تم إعدام الشهيد الشيخ النمر ومن معه ظلما، وليعلم كل من في العالم وبالخصوص من انخدع بروايات الإعلام السعودي الكاذبة والمزيفة ضد الشيخ النمر ومعرفة الحقيقة.
الحقيقة تنتصر
الحقيقة لابد أن تظهر، والحق لابد أن ينتصر وأن يحاسب المجرم القاتل. وعلى كل من مدح ومجد وطبل للحكومة المجرمة المفسدة والقاتلة وساندها ضد النشطاء الإصلاحيين والأحرار الشرفاء ومنهم الشهيد الشيخ نمر النمر بأي مبرر، أن يسارع بإصلاح وضعه ومسيرته وقول كلمة حق بحق الشهيد النمر فالتاريخ سيسجل موقفه المخزي المتخاذل.
جثامين الشهداء مختطفة ومغيبة!
من القضايا المثيرة التي تسبب الغضب والغليان والتوتر الشعبي وتجعل جريمة قتل الشهداء حية في وسط المجتمع؛ قضية اعتقال جثامين الشهداء التي قامت سلطات الرياض بإعدامهم ظلما، منهم جثمان الشهيد الشيخ نمر النمر والشباب الشهداء: علي الربح ومحمد الشيوخ ومحمد الصويمل وغيرهم من قائمة شهداء الكلمة الحرة والمشاركة في المظاهرات والاحتجاجات السلمية.
إن عملية اختطاف جثامين الشهداء جريمة وانتقام حكومي رسمي من أهالي الشهداء واستهتار بالجثامين وبحق التغسيل والتكفين والوداع والتشييع والدفن بطريقة تتناسب مع مكانة الشهداء، وهذا يدل على خوف السلطة من جثمان الشهيد الشيخ نمر النمر - وبقية الشهداء - كما كانت تخاف منه في حياته.
إن تغييب جثامين الشهداء وعدم تسليمها للأهالي عملية انتقام وتعذيب للأهالي الذين يتمنون إلقاء نظرة على أحبتهم وتوديعهم ودفنهم حسب معتقدهم والوقوف عند قبورهم وزيارتهم كلما اشتاقوا إليهم.
أحد الشهداء الذين تم إعدامهم وتغييب جثثهم هو وحيد أمه وهو الشاب الشهيد أمجد المعيبد ، ساعد الله قلب أمه المفجوع على فلذة كبدها الوحيد، وساعد بقية أمهات الشهداء المثكولات بقتل وتغييب جثامين فلذات أكبادهن، وحول أمنياتهن تقول الأم البطلة صاحبة القلب المفطور السيدة زهراء حسن والدة الشهيد الشاب علي الربح في الذكرى الثالثة من استشهاده : "أريد استعادة إبني وإن كان جثمانا". وتضيف بلوعة وألم ممزوج بالشوق والحنين لأبنها الغالي متسائلة: " .. والآن وفي الذكرى الثالثة للمجزرة المروعة ما زال جثمانك محتجزا ولا ندري هل دفن أم بقي بلا غسل و كفن .. بلا صلاة ودفن ..؟". هل من جواب للأمهات الثكلى والأهالي؟. إن استعادة جثامين الشهداء مطلب إنساني وديني وطبيعي للأهالي والمجتمع.
إلى متى سيستمر اختطاف وتغييب جثامين الشهداء الذين قتلوا ظلما بيد الحكومة بسبب التعبير عن الرأي فقط؟. لقد مر نحو ثلاث سنوات على الجريمة المروعة إعدام الشهداء واختطاف الجثامين، بعد سنوات من الاعتقال والتغييب والتعذيب في السجون قبل إعدامهم، رغم أنهم لم يعتدوا على أحد. حان الوقت لتسليم الجثامين للأهالي لدفنها. الحرية لمعتقلي ومعتقلات الرأي ولجثامين الشهداء.
روح ومبادئ الشهيد الشيخ النمر - وبقية الشهداء - حية ملهمة للأحرار والشرفاء في الوطن والعالم، واسمه (الشيخ النمر) يرعب النظام المجرم الدموي القاتل ومن ساندوه. الشهيد الشيخ نمر باقر النمر عاش ليبقى رمزا خالدا للحراك والمطالبة بالإصلاح وتحقيق العدالة للجميع بلا ظلم ولا فساد. الرحمة على روح الشهداء الأبرار، وتحية للنشطاء والناشطات الأحرار، والحرية للمعتقلين الشرفاء، ونعم لمساندة والتضامن مع أهالي الشهداء والمعتقلين والمعتقلات.
إن العدالة والحرية والكرامة..حق لكل إنسان، فينبغي عدم التفريط بها، وعندما تغيب فينبغي المطالبة بها، .. إنها تستحق التضحية؛ فلا حياة بلا حرية وكرامة.
لصالح مدونة الكاتب "علي آل غراش"
أضيف بتاريخ :2019/01/03