عندما يُهدِّد مندوب سورية بشار الجعفري بقصف مطار تل أبيب!
خالد الجيوسي
هو أمرٌ مُسلّمٌ به أن القيادة السوريّة لن تذهب بردّها بعيداً على الغارات الإسرائيليّة المُتوالية والمُستفزّة على أهدافٍ لها ولحليفها الإيرانيّ، لأنّ غايتها اليوم هو استعادة ما تبقّى من الأراضي الخارجة عن سيطرتها، وهو تفكيرٌ منطقيٌّ، ينتهي بانتهاء السبب، أي عودة كامل أراضي الجمهوريّة إلى مركز الحُكم في دمشق.
مندوب سورية الدائم في مجلس الأمن بشار الجعفري، كسر الصمت السوري المُعتاد الذي تطوّر إلى الرد على الصواريخ الإسرائيليّة في تصريحه الأخير حول التهديد بقصف مطار تل أبيب، مع أمر لافت وهو عدم استخدام المنظومة الصاروخيّة المتطورة “إس 300” في الرد، والتي ستدخل الخدمة شهر مارس القادم حسب الحليف الروسي، ولا نعلم ما هي أسباب مُماطلة الأخير في السماح للجيش العربي السوري استخدامها، إذا كان قد وفى الرئيس فلاديمير بوتين بوعده، وسلّمها لدمشق، فهل يخضع الأمر لضوابط واتفاقات مع الإسرائيلي، أم أن استخدامها سيكون مُزلزلاً في حينها، وفي اللحظة المُناسبة مع عدوان قادم للطائرات الإسرائيليّة أو بمثابة انتقام روسي مُنتظر من الإسرائيليين؟عبارة الرد في المكان والزمان المُناسبين، تتحوّل تدريجيّاً في الأدبيات السوريّة إلى رد مُباشر على العدوان الإسرائيلي، بل إنّ الطائرات الإسرائيليّة، تتحاشى الدخول إلى المجال الجوي للعاصمة دمشق، بل يصل الأمر نِهايةً إلى تهديد الجعفري مندوب سورية قصف مطار تل أبيب، في ظِل عدم وجود تحرّك دولي لمُواجهة العدوان الإسرائيلي المُتكرّر على مطار بلاده الدولي.هذه التهديدات السوريّة لا نعرف مدى جدِّيَّتها، وحتّى توقيت تنفيذها، لكنّها عبارات حادّة وصارمة غابت عن مُفردات الصراع العربي الإسرائيلي، وحل مكانها تهديد الفصائل الفلسطينيّة، وحزب الله، وأن تهدد دولة عربيّة بقصف مطار “العدو”، هو بحد ذاته تطوّر لافت، بالمطار مُقابل المطار، وهكذا، وبالطبع نأمل أن تنفّذ سورية تهديدها هذا، حتى تُحرِج ألسنة من شكّكوا بقُدرتها، أو استبعدوا تنفيذها هذا التهديد غير المسبوق، أو حتى سخروا من قيادتها، ويأتي هذا كله في ظِل هجمة من الدول العربيّة والإسلاميّة، باتجاه “التطبيع” مع كُل من الدولة السوريّة، والكيان الصهيوني الغاصب لفلسطين.لن نقف كثيراً عند تحليلات الإعلام العربي “المُعتدل”، وتفسيراته المُعتادة حول التهديدات السوريّة، فهو يسير فيها على مبدأ “عنزة ولو طارت”، لكن الأهم هو ردّة فعل “العدو” نفسه على تهديد الجعفري بمُهاجمة مطار بن غوريون، وقول الجنرال السابق يعقوب عميدور، الذي اعترف بقُدرة السوريين على ضرب مطار كيانه المُحتل، وهدّد بضربة تُنهي النظام السوري إن حدث ذلك، لكنّه استبعد مُخاطرة السوريين بذلك، بل أشار إلى امتلاك سورية صواريخ تصل إلى مطار تل أبيب، وقادرة على ضرب المُقاتلات التي تُقلِع من المطار.الاعتراف الإسرائيلي بالقُدرة السوريّة على ضرب المطار، وامتلاكه الصواريخ هو الأمر اللافت، أي أنّ تهديدات مندوب سورية الجعفري ليست كلاميّة، ويُمكن تنفيذها إذا تطلّب الأمر، وبما أنّ الزمن الذي باتت سورية ترد فيه على عدوان الطائرات بالصواريخ قد أتى، سيأتي الزمان الذي تقصف فيه مطار “العدو”، ردّاً على قصف مطارها، ولعلها الطريقة المُثلى التي ستلفت أنظار العالم إليها، واعتداءات إسرائيل الغاشمة عليها، لأنّ هذا “العدو” لا يفهم إلا لغة القُوّة، حتى وإن طال الزمن.
صحيفة رأي اليوم
أضيف بتاريخ :2019/01/26