ليس لأن أمريكا تحب العالم
حمود أبو طالب
من الطبيعي أن يهتم العالم كله بالانتخابات الأمريكية، من يحب أمريكا ومن لا يحبها، من له مصالح معها ومن هو متضرر منها، الجميع لا بد أن يراقب المهرجان الانتخابي الذي يحدث كل أربع سنوات، لأن الحقيقة التي لا يمكن القفز عليها أو تجاهلها أو التقليل منها أن هذه الدولة هي من تمسك بخيوط السياسة العالمية وألاعيبها وحبائلها، وحتى الدول الكبرى التي تزعم نديتها كالأعضاء الدائمين في مجلس الأمن تدور في فلك أمريكا أو تحتكم في النهاية إلى مشيئتها، وبالتالي تكون الانتخابات الأمريكية هي حدث العالم بأسره وليس حدثا أمريكيا خاصا. الانتخابات الرئاسية هذه المرة بدأت باهتة، لا زعامات بارزة في الحزبين الرئيسيين، لا شخصيات كاريزماتية جاذبة، لا خبرات سياسية عميقة مقنعة للداخل والخارج، وهذا ما جعل الطارئ على السياسة والمثير للجدل بتصريحاته البعيدة عن الحصافة «دونالد ترامب» يتصدر نتيجة الثلاثاء الكبير عن الحزب الجمهوري.
بعد هذه النتيجة بدأ مهندسو الحزب ينظرون في وجوه بعضهم وكأنهم أفاقوا من حلم على حقيقة لا بد من التعامل معها، بدؤوا في مراجعة كل آراء وتوجهات وطروحات ترامب ليكتشفوا متأخرا أنها ليست في صالح الداخل ولا الخارج وربما تضع أمريكا في مآزق صعبة تضاف إلى متاعبها الداخلية والخارجية. مثل هذا الشخص الأهوج العنصري بامتياز الذي لا يفقه غير تنمية ثروته سيكون نقطة سوداء في تأريخ الحزب لو فاز. بدأت المراجعات الجادة في داخل الحزب، وتزامنت معها حملة لتجميد تقدم ترامب، الإعلام الأوروبي بدوره دخل على هذا الخط لتصوير الكوارث التي قد تحدث لو أتيح له الاستمرار وصولا إلى الفوز. صحيح أنه مازال هناك وقت إلى شهر نوفمبر قد تحدث فيه مفاجآت، ولكن يبدو أنه لن يكون في صالح ترامب. أمريكا في هذه المرحلة ليست بحاجة إلى مزيد من السمعة السلبية في العالم الذي يمور بأحداث وتحولات كارثية كبرى لها فيها اليد الطولى، ولو جاء ترامب إلى البيت الأبيض سيصبح العالم أكثر سوادا، وهذا ما لا نتوقع أن يحدث، ليس لأن أمريكا تريد الخير للعالم ولكن لأن مصالحها في المقدمة لن تتحقق على يد نموذج كترامب.
عكاظ
أضيف بتاريخ :2016/03/07